الحديث الاول :
حدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَقُولُ " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
ذكرالحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه فوائده فقال:
واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم، لأن فيه العمل يكون منتفيا إذا خلا عن النية، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة الحكم،
و أن الغافل لا تكليف عليه، لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد،
و أن من صام تطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث، لكن تمسك من قال بانعطافها بدليل آخر، ونظيره حديث: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " أي: أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت، وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى،
و أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكن غفلتهم عنه، ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه،
واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه، ومن أمثلة ذلك: جمع التقديم، فإن الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية،
واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفي، كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره، لأن معنى الحديث: أن الأعمال بنياتها، والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب، وعلى هذا لو كانت عليه كفارة - وشك في سببها - أجزأه إخراجها بغير تعيين.
وفيه زيادة النص على السبب، لأن الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة، فذكر الدنيا القصة زيادة في التحذير والتنفير.وقال شيخنا شيخ الإسلام: فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا، فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وسيأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإيمان وبالله التوفيق.
الحديث الثاني :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: اَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ اَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ اُمِّ الْمُؤْمِنِينَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا _اَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ _ سَاَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَاْتِيكَ الْوَحْيُ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اَحْيَانًا يَاْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ اَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَاَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا، فَيُكَلِّمُنِي فَاَعِي مَا يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وَلَقَدْ رَاَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَاِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه
وفي حديث الباب من الفوائد-
قوله: (ام المؤمنين) هو ماخوذ من قوله تعالى: (وازواجه امهاتهم) اي: في الاحترام وتحريم نكاحهن لا في غير ذلك مما اختلف فيه على الراجح، وانما قيل للواحدة منهن ام المؤمنين للتغليب،
والا فلا مانع من ان يقال لها ام المؤمنات على الراجح.
وفيه دليل على ان الملك يتشكل بشكل البشر.
ان السؤال عن الكيفية لطلب الطمانينة لا يقدح في اليقين،
وجواز السؤال عن احوال الانبياء من الوحي وغيره،
وان المسؤول عنه اذا كان ذا اقسام يذكر المجيب في اول جوابه ما يقتضي التفصيل.والله اعلم.
الحديث الثالث:
-20- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ.
قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنبكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا."
وفي هذا الحديث فوائد:
الأولى: أن الأعمال الصالحة ترقي صاحبها إلى المراتب السنية من رفع الدرجات ومحو الخطيئات، لأنه -صلى الله عليه وسلم -لم ينكر عليهم استدلالهم ولا تعليلهم من هذه الجهة، بل من الجهة الأخرى.
الثانية: أن العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها، كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها، استبقاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها.
الثالثة: الوقوف عند ما حد الشارع من عزيمة ورخصة، واعتقاد أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له.
الرابعة: أن الأولى في العبادة القصد والملازمة، لا المبالغة المفضية إلى الترك، كما جاء في الحديث الآخر: " المنبت - أي المجد في السير - لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى".
الخامسة: التنبيه على شدة رغبة الصحابة في العبادة وطلبهم الازدياد من الخير.
السادسة: مشروعية الغضب عند مخالفة الأمر الشرعي، والإنكار على الحاذق المتأهل لفهم المعنى إذا قصر في الفهم، تحريضا له على التيقظ.
السابعة: جواز تحدث المرء بما فيه من فضل بحسب الحاجة لذلك عند الأمن من المباهاة والتعاظم.
الثامنة: بيان أن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم -رتبة الكمال الإنساني لأنه منحصر في الحكمتين العلمية والعملية، وقد أشار إلى الأولى بقوله: " أعلمكم"، وإلى الثانية بقوله: " أتقاكم"،
[/CENTER]
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 12-23-19 الساعة 5:41 PM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
جزاك الله خير الجزاء أبا محمد وبارك الله فيك وفي جهودك
جُروحُ الأمة لا تتوقف عن النّزف !
جزاك الله كل خير أخي الكريم وبارك الله فيك ونفع بي وبكم المسلمين
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
- -27-الحديث الرابع
- حَدَّثَنَا اَبُو الْيَمَانِ قَالَ: اَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: اَخْبَرَنِا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ اَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -اَعْطَى رَهْطًا -وَسَعْدٌ جَالِسٌ -فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -رَجُلًا هُوَ اَعْجَبُهُمْ اِلَيَّ.
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟ فَوَاللَّهِ اِنِّي لَاَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ: اَوْ مُسْلِمًا، فَسَكَتُّ قَلِيلًا. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا اَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟ فَوَاللَّهِ اِنِّي لَاَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَالَ اَوْ مُسْلِمًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا اَعْلَمُ مِنْهُ، فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي، وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -ثُمَّ قَالَ: يَا سَعْدُ، اِنِّي لَاُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ اَحَبُّ اِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ اَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ." قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه: وفي حديث الباب من الفوائدد : التفرقة بين حقيقتي الايمان والاسلام،
وترك القطع بالايمان الكامل لمن لم ينص عليه
واما منع القطع بالجنة فلا يؤخذ من هذا صريحا وان تعرض له بعض الشارحين. نعم هو كذلك فيمن لم يثبت فيه النص،
وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الايمان بنطق اللسان.
وفيه جواز تصرف الامام في مال المصالح وتقديم الاهم فالاهم، وان خفي وجه ذلك على بعض الرعية.
وفيه جواز الشفاعة عند الامام فيما يعتقد الشافع جوازه،
وتنبيه الصغير للكبير على ما يظن انه ذهل عنه،
ومراجعة المشفوع اليه في الامر اذا لم يؤد الى مفسدة،
وان الاسرار بالنصيحة اولى من الاعلان كما ستاتي الاشارة اليه في كتاب الزكاة "
فقمت اليه فساررته"، وقد يتعين اذا جر الاعلان الى مفسدة.
وفيه ان من اشير عليه بما يعتقده المشير مصلحة لا ينكر عليه، بل يبين له وجه الصواب.
وفيه الاعتذار الى الشافع اذا كانت المصلحة في ترك اجابته،
وان لا عيب على الشافع اذا ردت شفاعته لذلك.
وفيه استحباب ترك الالحاح في السؤال كما استنبطه المؤلف منه في الزكاة
(32)الحديث الخامس :
قَالَ: و حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ
- قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)
وفي المتن من الفوائد: الحمل على العموم حتى يرد دليل الخصوص،- وأن النكرة في سياق النفي تعم،
- وأن الخاص يقضي على العام والمبين عن المجمل،
- وأن اللفظ يحمل على خلاف ظاهره لمصلحة دفع التعارض،
- وأن درجات الظلم تتفاوت كما ترجم له،
- وأن المعاصي لا تسمى شركا،
وأن من لم يشرك بالله شيئا فله الأمن وهو مهتد.
فإن قيل: فالعاصي قد يعذب فما هو الأمن والاهتداء الذي حصل له؟فالجواب: أنه آمن من التخليد في النار، مهتد إلى طريق الجنة.
- الحديث السادس: (61)
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَاِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي اَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ النَّخْلَةُ
وفي هذا الحديث من الفوائد: امتحان العالم اذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم ان لم يفهموه. واما ما رواه ابو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاغلوطات - قال الاوزاعي احد رواته: هي صعاب المسائل - فان ذلك محمول على ما لا نفع فيه، او ما خرج على سبيل تعنت المسئول او تعجيزه، وفيه التحريض على الفهم في العلم، وقد بوب عليه المؤلف " باب الفهم في العلم". وفيه استحباب الحياء ما لم يؤد الى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر ان يكون ابنه لم يسكت، وقد بوب عليه المؤلف في العلم وفي الادب. وفيه دليل على بركة النخلة وما يثمره، وقد بوب عليه المصنف ايضا. وفيه دليل ان بيع الجمار جائز، لان كل ما جاز اكله جاز بيعه، وفيه دليل على جواز تجمير النخل، وقد بوب عليه في الاطعمة لئلا يظن ان ذلك من باب اضاعة المال. وفيه ضرب الامثال والاشباه لزيادة الافهام، وتصوير المعاني لترسخ في الذهن، ولتحديد الفكر في النظر في حكم الحادثة. وفيه اشارة الى ان تشبيه الشيء بالشيء لا يلزم ان يكون نظيره من جميع وجوهه، فان المؤمن لا يماثله شيء من الجمادات ولا يعادله. وفيه توقير الكبير، وتقديم الصغير اباه في القول، وانه لا يبادره بما فهمه وان ظن انه الصواب. وفيه ان العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه، لان العلم مواهب، والله يؤتي فضله من يشاء. واستدل به مالك على ان الخواطر التي تقع في القلب من محبة الثناء على اعمال الخير لا يقدح فيها اذا كان اصلها لله، وذلك مستفاد من تمني عمر المذكور، ووجه تمني عمر رضي الله عنه ما طبع الانسان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده، ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره، وليزداد من النبي صلى الله عليه وسلم حظوة، ولعله كان يرجو ان يدعو له اذ ذاك بالزيادة في الفهم. وفيه الاشارة الى حقارة الدنيا في عين عمر لانه قابل فهم ابنه لمسالة واحدة بحمر النعم مع عظم مقدارها وغلاء ثمنها. والله اعلم.
الحديث(63):
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ سَعِيدٍ هُوَ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْنَا هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَجَبْتُكَ فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ فَقَالَ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ أَاللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ السَّنَةِ قَالَ اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَاللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ نَعَمْ فَقَالَ الرَّجُلُ آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا
فيه من الفوائد
: فيه جواز اتكاء الإمام بين أتباعه،
وفيه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه من ترك التكبر لقوله بين ظهرانيهم،
استنبط منه ابن بطال وغيره طهارة أبوال الإبل وأرواثها، .:
قال ابن التين: فيه دليل على أن المرء لا يفرق صدقته بنفسه.
قلت: وفيه نظر.
وقوله: " على فقرائنا " خرج مخرج الأغلب لأنهم معظم أهل الصدقة.
" واستنبط منه الحاكم أصل طلب علو الإسناد لأنه سمع ذلك من الرسول وآمن وصدق، ولكنه أراد أن يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة، ويحتمل أن يكون قوله: " آمنت " إنشاء، ورجحه القرطبي لقوله: " زعم " قال: والزعم القول الذي لا يوثق به، قاله ابن السكيت وغيره.
ومما يؤيد أن قوله " آمنت " إخبار أنه لم يسأل عن دليل التوحيد، بل عن عموم الرسالة وعن شرائع الإسلام، ولو كان إنشاء لكان طلب معجزة توجب له التصديق، قاله الكرماني.
القرطبي فاستدل به على صحة إيمان المقلد للرسول ولو لم تظهر له معجزة.
" وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم :
العمل بخبر الواحد، ولا يقدح فيه مجيء ضمام مستثبتا لأنه قصد اللقاء والمشافهة كما تقدم عن الحاكم، وقد رجع ضمام إلى قومه وحده فصدقوه وآمنوا كما وقع في حديث ابن عباس.
وفيه نسبة الشخص إلى جده إذا كان أشهر من أبيه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: " أنا ابن عبد المطلب".
وفيه الاستحلاف على الأمر المحقق لزيادة التأكيد،
وفيه رواية الأقران لأن سعيدا وشريكا تابعيان من درجة واحدة وهما مدنيان.
- الحديث السابع(66): : حَدَّثَنَا اِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ اِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ اَبِي طَلْحَةَ اَنَّ اَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ اَبِي طَالِبٍ اَخْبَرَهُ عَنْ اَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ اَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ اِذْ اَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَاَقْبَلَ اثْنَانِ اِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاَمَّا اَحَدُهُمَا فَرَاَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَاَمَّا الْاخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَاَمَّا الثَّالِثُ فَاَدْبَرَ ذَاهِبًا فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اَلَا اُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ اَمَّا اَحَدُهُمْ فَاَوَى اِلَى اللَّهِ فَاوَاهُ اللَّهُ وَاَمَّا الْاخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَاَمَّا الْاخَرُ فَاَعْرَضَ فَاَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ
ويستفاد منه:- ان الداخل يبدا بالسلام،
- وان القائم يسلم على القاعد، وانما لم يذكر رد السلام عليهما اكتفاء بشهرته،
او يستفاد منه ان المستغرق في العبادة يسقط عنه الرد.وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم،
وسياتي البحث فيه في كتاب الاستئذان.
ولم يذكر انهما صليا تحية المسجد اما لكون ذلك كان قبل ان تشرع او كانا على غير وضوء او وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة او كان في غير وقت تنفل، قاله القاضي عياض بناء على مذهبه في انها لا تصلى في الاوقات المكروهة. وفيه ان من سبق الى موضع منها كان احق به.
وفيه استحباب الادب في مجالس العلم- وفضل سد خلل الحلقة، كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة،
وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ، فان خشي استحب الجلوس حيث ينتهي كما فعل الثاني.
وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير.وفيه جواز الاخبار عن اهل المعاصي واحوالهم للزجر عنها وان ذلك لا يعد من الغيبة، وفي الحديث فضل ملازمة حلق العلم والذكر وجلوس العالم والمذكر في المسجد،
وفيه الثناء على المستحي.
والجلوس حيث ينتهي به المجلس.
الحديث:67حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ أَوْ بِزِمَامِهِ قَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ
.
وفائدة إمساك الخطام صون البعير عن الاضطراب حتى لا يشوش على راكبه.
قوله: (أي يوم هذا) سقط من رواية المستملي والحموي السؤال عن الشهر والجواب الذي قبله فصار هكذا: أي يوم هذا، فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال: أليس بذي الحجة؟ وكذا في رواية الأصيلي وتوجيهه ظاهر، وهو من إطلاق الكل على البعض، ولكن الثابت في الروايات عند مسلم وغيره ما ثبت عند الكشميهني وكريمة، وكذلك وقع في رواية مسلم وغيره السؤال عن البلد، وهذا كله في رواية ابن عون، وثبت السؤال عن الثلاثة عند المصنف في الأضاحي من رواية أيوب، وفي الحج من رواية قرة كلاهما عن ابن سيرين، قال القرطبي: سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهو مهم وليقبلوا عليه بكليتهم، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه، ولذلك قال بعد هذا: فإن دمائكم الخ، مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء.
انتهى.
ومناط التشبيه في قوله: " كحرمة يومكم " وما بعده ظهوره عند السامعين، لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم - مقررا عندهم، بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها، فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه، لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع.
ووقع في الروايات التي أشرنا إليها عند المصنف وغيره أنهم أجابوه عن كل سؤال بقولهم: الله ورسوله أعلم.
وذلك من حسن أدبهم، لأنهم علموا أنه لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب، وأنه ليس مراده مطلق الإخبار بما يعرفونه، ولهذا قال في رواية الباب: حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه.
ففيه إشارة إلى تفويض الأمور الكلية إلى الشارع، ويستفاد منه الحجة لمثبتي الحقائق الشرعية.
قوله: (فإن دماءكم الخ) هو على حذف مضاف، أي سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم.
والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان، سواء كان في نفسه أو سلفه.
قوله: (ليبلغ الشاهد) أي الحاضر في المجلس (الغائب) أي الغائب عنه، والمراد إما تبليغ القول المذكور أو تبليغ جميع الأحكام.
وقوله: " منه " صلة لأفعل التفضيل، وجاز الفصل بينهما لأن في الظرف سعة، وليس الفاصل أيضا أجنبيا.
(فائدة) : وقع في حديث الباب: " فسكتنا بعد السؤال".
وعند المصنف في الحج من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام.
وظاهرهما التعارض، والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم ابن عباس أجابوا، والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا بل قالوا: الله ورسوله أعلم كما أشرنا إليه.
أو تكون رواية ابن عباس بالمعنى
وفي هذا الحديث من الفوائد
- الحث على تبليغ العلم،
وجواز التحمل قبل كمال الأهلية.
وأن الفهم ليس شرطا في الأداء،
وأنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدمه لكن بقلة،
واستنبط ابن المنير من تعليل كون المتأخر أرجح نظرا من المتقدم أن تفسير الراوي أرجح من تفسير غيره.
وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي واقفة إذا احتيج إلى ذلك، وحمل النهي الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة.
وفيه الخطبة على موضع عال ليكون أبلغ في إسماعه للناس ورؤيتهم إياه.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 12-23-19 الساعة 2:50 PM
- الحديث الثامن 74 :
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ اِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي اَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَهُ اَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ اَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ خَضِرٌ فَمَرَّ بِهِمَا اُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ اِنِّي تَمَارَيْتُ اَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَاَلَ مُوسَى السَّبِيلَ اِلَى لُقِيِّهِ هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَاْنَهُ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَاٍ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ اَحَدًا اَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ مُوسَى لَا فَاَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَاَلَ مُوسَى السَّبِيلَ اِلَيْهِ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ ايَةً وَقِيلَ لَهُ اِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَاِنَّكَ سَتَلْقَاهُ وَكَانَ يَتَّبِعُ اَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ اَرَاَيْتَ اِذْ اَوَيْنَا اِلَى الصَّخْرَةِ فَاِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا اَنْسَانِيهِ اِلَّا الشَّيْطَانُ اَنْ اَذْكُرَهُ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى اثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا فَكَانَ مِنْ شَاْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وفي الحديث من الفوائد: جواز التجادل في العلم اذا كان بغير تعنت، والرجوع الى اهل العلم عند التنازع، والعمل بخبر الواحد الصدوق، وركوب البحر في طلب العلم بل في طلب الاستكثار منه، ومشروعية حمل الزاد في السفر، ولزوم التواضع في كل حال، ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر عليهما السلام وطلب التعلم منه تعليما لقومه ان يتادبوا بادبه، وتنبيها لمن زكى نفسه ان يسلك مسلك التواضع.
الحديث103:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا وَلَا يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ مَا قَالَ عَمْرٌو قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا بِدَمٍ وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ
في الحديث من الفوائد:
شرف مكة،
وتقديم الحمد والثناء على القول المقصود،
وإثبات خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
واستواء المسلمين معه في الحكم إلا ما ثبت تخصيصه به،
ووقوع النسخ،
وفضل أبي شريح لاتباعه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه وغير ذلك.
حديث(123)
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّوفي الحديث من الفوائد:
فيه شاهد لحديث " الأعمال بالنيات"
وأنه لا بأس بقيام طالب الحاجة عند أمن الكبر،
وأن الفضل الذي ورد في المجاهدين مختص بمن قاتل لإعلاء دين الله.
وفيه استحباب إقبال المسئول على السائل.
باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ
حديث126:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ قُلْتُ قَالَتْ لِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ
ويستفاد منه
ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة،
وترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه،
وأن الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولا ما لم يكن محرما.
الحديث:(128)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ يَا مُعَاذُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ إِذًا يَتَّكِلُوا وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا
.
وفي الحديث من الفوائد :
جواز الإرداف
، وبيان تواضع النبي صلى الله عليه وسلم،
ومنزلة معاذ بن جبل من العلم لأنه خصه بما ذكر.
وفيه جواز استفسار الطالب عما يتردد فيه، واستئذانه في إشاعة ما يعلم به وحده.*حديث(136)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ
ه.
فوائد الحديث:
الأخذ بالوثيقة،
والعمل بالاحتياط في العبادة،
والكناية عما يستحيا منه إذا حصل الإفهام بها،
واستحباب غسل النجاسة ثلاثا لأنه أمرنا بالتثليث عند توهمها فعند تيقنها أولى.
واستنبط منه قوم فوائد أخرى
، منها أن موضع الاستنجاء مخصوص بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه قاله الخطابي،
ومنها إيجاب الوضوء من النوم، قاله ابن عبد البر،
ومنها تقوية من يقول بالوضوء من مس الذكر
، ومنها أن القليل من الماء لا يصير مستعملا بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء،
*
- الحديث التاسع((146)) :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي عِشَاءً وَكَانَتْ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدْ أُذِنَ أَنْ تَخْرُجْنَ فِي حَاجَتِكُنَّ قَالَ هِشَامٌ يَعْنِي الْبَرَازَ )
ذكر الحافظ رحمه الله فوائد الحديث فقال:قال ابن بطال: فقه هذا الحديث أنه يجوز للنساء التصرف فيما لهن الحاجة إليه من مصالحهن،
- وفيه مراجعة الأدنى للأعلى فيما يتبين له أنه الصواب وحيث لا يقصد التعنت،
- وفيه منقبة لعمر،
- وفيه جواز كلام الرجال مع النساء في الطرق للضرورة،
- وجواز الإغلاظ في القول لمن يقصد الخير،
- وفيه جواز وعظ الرجل أمه في الدين لأن سودة من أمهات المؤمنين،
- وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتظر الوحي في الأمور الشرعية، لأنه لم يأمرهن بالحجاب مع وضوح الحاجة إليه حتى نزلت الآية، وكذا في إذنه لهن بالخروج.
والله أعلم.
حديث =152=
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ تَابَعَهُ النَّضْرُ وَشَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ الْعَنَزَةُ عَصًا عَليْهِ زُجٌّالشرح:واستدل البخاري بهذا الحديث على غسل البول كما سيأتي.وفيه جواز استخدام الأحرار - خصوصا إذا أرصدوا لذلك - ليحصل لهم التمرن على التواضع.وفيه أن في خدمة العالم شرفا للمتعلم، لكون أبي الدرداء مدح ابن مسعود بذلك.وفيه حجة على ابن حبيب حيث منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم لأن ماء المدينة كان عذبا.واستدل به بعضهم على استحباب التوضؤ من الأواني دون الأنهار والبرك،
ولا يستقيم إلا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم وجد الأنهار والبرك فعدل عنها إلى الأواني.
- الحديث العاشر 185:
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ اَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ اَبِيهِ اَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى اَتَسْتَطِيعُ اَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّاُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ فَدَعَا بِمَاءٍ فَاَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ اِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَاْسَهُ بِيَدَيْهِ فَاَقْبَلَ بِهِمَا وَاَدْبَرَ بَدَاَ بِمُقَدَّمِ رَاْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا اِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا اِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَاَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ
- .
- وفي هذا الحديث من الفوائد:
- الافراغ على اليدين معا في ابتداء الوضوء،
- وان الوضوء الواحد يكون بعضه بمرة وبعضه بمرتين وبعضه بثلاث،
- وفيه مجيء الامام الى بيت بعض رعيته وابتداؤهم اياه بما يظنون ان له به حاجة،
- وجواز الاستعانة في احضار الماء من غير كراهة،
- والتعليم بالفعل،
- وان الاغتراف من الماء القليل للتطهر لا يصير الماء مستعملا لقوله في رواية وهيب وغيره " ثم ادخل يده فغسل وجهه.
- الخ"، واما اشتراط نية الاغتراف فليس في هذا الحديث ما يثبتها ولا ما ينفيها،
- واستدل به المصنف على استيعاب مسح الراس، وقد قدمنا انه يدل لذلك ندبا لا فرضا،
- وعلى انه لا يندب تكريره كما سياتي في باب مفرد،
- وعلى الجمع بين المضمضة والاستنشاق من غرفة كما سياتي ايضا،
- وعلى جواز التطهر من انية النحاس وغيره.
- الحديث الحادي عشر (200):
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ اِبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ اَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِاِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ فَتَوَضَّاَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وفيه من الفوائد: الابعاد عند قضاء الحاجة، والتواري عن الاعين، واستحباب الدوام على الطهارة لامره صلى الله عليه وسلم المغيرة ان يتبعه بالماء مع انه لم يستنج به وانما توضا به حين رجـع، وفيه جواز الاستعانة كما شرح في بابه، وغسل ما يصيب اليد من الاذى عند الاستجمار، وانه لا يكفي ازالته بغير الماء، والاستعانة على ازالة الرائحة بالتراب ونحوه. وقد يستنبط منه ان ما انتشر عن المعتاد لا يزال الا بالماء، وفيه الانتفاع بجلود الميتة اذا دبغت، والانتفاع بثياب الكفار حتى تتحقق نجاستها لانه صلى الله عليه وسلم لبس الجبة الرومية ولم يستفصل، واستدل به القرطبي على ان الصوف لا ينجس بالموت لان الجبة كانت شامية وكانت الشام اذ ذاك دار كفر وماكول اهلها الميتات، كذا قال. وفيه الرد على مـن زعم ان المسح على الخفين منسوخ باية الوضوء التي في المائدة لانها نزلت في غزوة المريسيع وكانت هذه القصة في غزوة تبوك، وهي بعدها باتفاق، وسياتي حديث جرير البجلي في معنى ذلك في كتاب الصلاة ان شاء الله تعالى. وفيه التشمير في السفر، ولبس الثياب الضيقة فيه لكونها اعون على ذلك، وفيه المواظبة على سنن الوضوء حتى في السفر، وفيه قبول خبر الواحد في الاحكام ولو كانت امراة، سواء كان ذلك فيما تعم به البلوى ام لا، لانه صلى الله عليه وسلم قبل خبر الاعرابية كما تقدم. وفيه ان الاقتصار على غسل معظم المفروض غسله لا يجزئ لاخراجه صلى الله عليه وسلم يديه من تحت الجبة ولم يكتف فيما بقي منهما بالمسح عليه، وقد يستدل به على من ذهب الى وجوب تعميم مسح الراس لكونه كمل بالمسح على العمامة ولم يكتف بالمسح على ما بقي من ذراعيه.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 02-25-20 الساعة 4:03 PM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
- الحديث الثاني عشر:
- (203))
- حَدَّثَنَا اَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ اَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَاَهْوَيْتُ لِاَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَاِنِّي اَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا
- فيه من الفوائد:
- قال ابن بطال: فيه خدمة العالم،
- وان للخادم ان يقصد الى ما يعرف من عادة مخدومه قبل ان يامره.
وفيه الفهم عن الاشارة، ورد الجواب عما يفهم عنها لقوله " فقال دعهما "انتهى.- فائدة : المسح على الخفين خاص بالوضوء لا مدخل للغسل فيه باجماع.
- فائدة اخرى : لو نزع خفيه بعد المسح قبل انقضاء المدة عند من قال بالتوقيت اعاد الوضوء عند احمد واسحاق وغيرهما وغسل قدميه عند الكوفيين والمزني وابي ثور، وكذا قال مالك والليث الا ان تطاول.
- وقال الحسن وابن ابي ليلي وجماعة: ليس عليه غسل قدميه، وقاسوه على من مسح راسه ثم حلقه انه يجب عليه اعادة المسح، وفيه نظر.
- (فائدة اخرى) : لم يخرج البخاري ما يدل على توقيت المسح.
- وقال به الجمهور.
- وخالف مالك في المشهور عنه فقال: يمسح ما لم يخلع، وروي مثله عن عمر.
واخرج مسلم التوقيت من حديث علي كما تقدم من حديث صفوان بن عسال، وفي الباب عن ابي بكرة وصححه الشافعي وغيره.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 11-12-17 الساعة 12:00 AM سبب آخر: ا
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
السلام عليكم
بارك الله فيك على ما تفضلت به وعلى المجهود
السلام عليكم
الاسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا وفلسطين أملنا
جزاك الله كل خير أخي الكريم وبارك الله فيك ونفع بي وبكم المسلمين
![]()
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 03-14-11 الساعة 6:58 AM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
الحديث الثالث عشر(219:
َ بَابُ يُهَرِيقُ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ
222=حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ اَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ اَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ اَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَاُهْرِيقَ عَلَيْهِ
وفي هذا الحديث من الفوائدد:
ان الاحتراز من النجاسة كان مقررا في نفوس الصحابة، ولهذا بادروا الى الانكار بحضرته صلى الله عليه وسلم قبل استئذانه،
ولما تقرر عندهم ايضا من طلب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستدل به على جواز التمسك بالعموم الى ان يظهر الخصوص، قال ابن دقيق العيد: والذي يظهر ان التمسك يتحتم عند احتمال التخصيص عند المجتهد، ولا يجب التوقف عن العمل بالعموم لذلك، لان علماء الامصار ما برحوا يفتون بما بلغهم من غير توقف على البحث عن التخصيص، ولهذه القصة ايضا اذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة ولم يقل لهم لم نهيتم الاعرابي؟ بل امرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة، وهو دفع اعظم المفسدين باحتمال ايسرهما.
وتحصيل اعظم المصلحتين بترك ايسرهما.
وفيه المبادرة الى ازالة المفاسد عند زوال المانع لامرهم عند فراغه بصب الماء.
وفيه تعيين الماء لازالة النجاسة، لان الجفاف بالريح او الشمس لو كان يكفي لما حصل التكليف بطلب الدلو.
وفيه ان غسالة النجاسة الواقعة على الارض طاهرة، ويلتحق به غير الواقعة، لان البلة الباقية على الارض غسالة نجاسة فاذا لم يثبت ان التراب نقل وعلمنا ان المقصود التطهير تعين الحكم بطهارة البلة، واذا كانت طاهرة فالمنفصلة ايضا مثلها لعدم الفارق،
ويستدل به ايضا على عدم اشتراط نضوب الماء لانه لو اشترط لتوقفت طهارة الارض على الجفاف.
و لا يشترط عصر الثوب اذ لا فارق.
وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف اذا لم يكن ذلك منه عنادا، ولا سيما ان كان ممن يحتاج الى استئلافه.
وفيه رافة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه،.
وفيه تعظيم المسجد وتنزيهه عن الاقذار،
وظاهر الحصر من سياق مسلم في حديث انس انه لا يجوز في المسجد شيء غير ما ذكر من الصلاة والقران والذكر، لكن الاجماع على ان مفهوم الحصر منه غير معمول به، ولا ريب ان فعل غير المذكورات وما في معناها خلاف الاولى والله اعلم.
وفيه ان الارض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها، خلافا للحنفية :
الحديث الرابع عشر:
(231)
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ اَيُّوبَ عَنْ اَبِي قِلَابَةَ عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ اُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ اَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَاَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ وَاَنْ يَشْرَبُوا مِنْ اَبْوَالِهَا وَاَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي اَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ فِي اثَارِهِمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ فَاَمَرَ فَقَطَعَ اَيْدِيَهُمْ وَاَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ اَعْيُنُهُمْ وَاُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ قَالَ اَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ اِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وفي هذا الحديث من الفوائد :
قدوم الوفود على الامام، ونظره في مصالحهم،
وفيه مشروعية الطب والتداوي بالبان الابل وابوالها،
وفيه ان كل جسد يطب بما اعتاده،
وفيه قتل الجماعة بالواحد سواء قتلوه غيلة او حرابة ان قلنا ان قتلهم كان قصاصا،
وفيه المماثلة في القصاص وليس ذلك من المثلة المنهي عنها،
وثبوت حكم المحاربة في الصحراء، واما في القرى ففيه خلاف،
وفيه جواز استعمال ابناء السبيل ابل الصدقة في الشرب وفي غيره قياسا عليه باذن الامام،
وفيه العمل بقول القائف، وللعرب في ذلك المعرفة التامة.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 12-01-19 الساعة 3:16 PM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
الحديث الخامس عشر(249) :
قال الامام البخاري رحمه الله :
237ح -حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ قَالَ مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ مَا لَا أُحْصِيهِ يَقُولُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ
قال الحافظ رحمه الله عن فوائده :
(فائدة) : أخذ الجمهور بحديث معمر الدال على التفرقة بين الجامد والذائب، ونقل ابن عبد البر الاتفاق على أن الجامد إذا وقعت فيه ميتة طرحت وما حولها منه إذا تحقق أن شيئا من أجزائها لم يصل إلى غير ذلك منه، وأما المائع فاختلفوا فيه، فذهب الجمهور إلى أنه ينجس كله بملاقاة النجاسة، وخالف فريق: منهم الزهري والأوزاعي، وسيأتي إيضاح ذلك في كتاب الذبائح، وكذلك مسألة الانتفاع بالدهن النجس أو المتنجس إن شاء الله تعالى.قال ابن المنير: مناسبة حديث السمن للآثار التي قبله اختيار المصنف أن المعتبر في التنجيس تغير الصفات، فلما كان ريش الميتة لا يتغير بتغيرها بالموت وكذا عظمها فكذلك السمن البعيد عن موقع الميتة إذا لم يتغير، واقتضى ذلك أن الماء إذا لاقته النجاسة ولم يتغير أنه لا يتنجس.
الحديث السادس عشر (237)
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ قَالَ ح و حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ قَالَ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ ثُمَّ سَمَّى اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ
قال الحافظ رحمه الله عن فوائده :
وفيه معرفة الكفار بصدقه صلى الله عليه وسلم لخوفهم من دعائه، ولكن حملهم الحسد على ترك الانقياد له، وفيه حلمه صلى الله عليه وسلم عمن آذاه، ففي رواية الطيالسي عن شعبة في هذا الحديث أن ابن مسعود قال: لم أره دعا عليهم إلا يومئذ.
وإنما استحقوا الدعاء حينئذ لما أقدموا عليه من الاستخفاف به صلى الله عليه وسلم حال عبادة ربه.
وفيه استحباب الدعاء ثلاثا، وقد تقدم في العلم استحباب السلام ثلاثا وغير ذلك.
وفيه جواز الدعاء على الظالم، لكن قال بعضهم: محله ما إذا كان كافرا، فأما المسلم فيستحب الاستغفار له والدعاء بالتوبة، ولو قيل: لا دلالة فيه على الدعاء على الكافر لما كان بعيدا لاحتمال أن يكون اطلع صلى الله عليه وسلم على أن المذكورين لا يؤمنون، والأولى أن يدعي لكل حي بالهداية.
وفيه قوة نفس فاطمة الزهراء من صغرها، لشرفها في قومها ونفسها، لكونها صرخت بشتمهم وهم رءوس قريش، فلم يردوا عليها.
وفيه أن المباشرة آكد من السبب والإعانة لقوله في عقبة " أشقى القوم " مع أنه كان فيهم أبو جهل وهو أشد منه كفرا وأذى للنبي صلى الله عليه وسلم لكن الشقاء هنا بالنسبة إلى هذه القصة لأنهم اشتركوا في الأمر والرضا وانفرد عقبة بالمباشرة فكان أشقاهم، ولهذا قتلوا في الحرب وقتل هو صبرا.
واستدل به على أن من حدث له في صلاته ما يمنع انعقادها ابتداء لا تبطل صلاته ولو تمادى، وعلى هذا ينزل كلام المصنف، فلو كانت نجاسة فأزالها في الحال ولا أثر لها صحت اتفاقا،
واستدل به على طهارة فرث ما يؤكل لحمه،
وعلى أن إزالة النجاسة ليست بفرض وهو ضعيف،
وحمله على ما سبق أولى.وتعقب الأول بأن الفرث لم يفرد بل كان مع الدم كما في رواية إسرائيل، والدم نجس اتفاقا.
الحديث السابع عشر :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَذَى ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا هَذِهِ غُسْلُهُ مِنْ الْجَنَابَةِ
وفي الحديث من الفوائد :
، واستدل البخاري بحديث ميمونة هذا على جواز تفريق الوضوء
وعلى استحباب الإفراغ باليمين على الشمال للمغترف من الماء لقوله في رواية أبي عوانة وحفص وغيرهما " ثم أفرغ بيمينه على شماله "
وعلى مشروعية المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة لقوله فيها " ثم تمضمض واستنشق " وتمسك به الحنفية للقول بوجوبهما، وتعقب بأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب إلا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب، وليس الأمر هنا كذلك قاله ابن دقيق العيد:
وعلى استحباب مسح اليد بالتراب من الحائط أو الأرض لقوله في الروايات المذكورة " ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط "
قال ابن دقيق العيد: وقد يؤخذ منه الاكتفاء بغسلة واحدة لإزالة النجاسة والغسل من الجنابة لأن الأصل عدم التكرار، وفيه خلاف.
انتهى.
وصحح النووي وغيره أنه يجزئ، لكن لم يتعين في هذا الحديث أن ذلك كان لإزالة النجاسة، بل يحتمل أن يكون للتنظيف فلا يدل على الاكتفاء، وأما دلك اليد بالأرض فللمبالغة فيه ليكون أنقى كما قال البخاري.
وأبعد من استدل به على نجاسة المني أو على نجاسة رطوبة الفرج لأن الغسل ليس مقصورا على إزالة النجاسة.
وقوله في حديث الباب " وما أصابه من أذى " ليس بظاهر في النجاسة أيضا،
واستدل به البخاري أيضا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة،
وعلى أن من توضأ بنية الغسل أكمل باقي أعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث، وعلى جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء،
وعلى استحباب التستر في الغسل ولو كان في البيت،
وفي الحديث من الفوائد أيضا
جواز الاستعانة بإحضار ماء الغسل والوضوء لقولها في رواية حفص وغيره " وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلا " وفي رواية عبد الواحد " ما يغتسل به "
وفيه خدمة الزوجات لأزواجهن،
وفيه الصب باليمين على الشمال لغسل الفرج بها،
وفيه تقديم غسل الكفين على غسل الفرج لمن يريد الاغتراف لئلا يدخلهما في الماء وفيهما ما لعله يستقذر، فأما إذا كان الماء في إبريق مثلا فالأولى تقديم غسل الفرج لتوالي أعضاء الوضوء،
ولم يقع في شيء من طرق هذا الحديث التنصيص على مسح الرأس في هذا الوضوء، وتمسك به المالكية لقولهم إن وضوء الغسل لا يمسح فيه الرأس بل يكتفي عنه بغسله،
واستدل بعضهم بقولها في رواية أبي حمزة وغيره " فناولته ثوبا فلم يأخذه " على كراهة التنشيف بعد الغسل، ولا حجة فيه لأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر آخر لا يتعلق بكراهة التنشيف بل لأمر يتعلق بالخرقة، أو لكونه كان مستعجلا، أو غير ذلك.
قال المهلب: يحتمل تركه الثوب لإبقاء بركة الماء أو للتواضع أو لشيء رآه في الثوب من حرير أو وسخ، وقد وقع عند أحمد والإسماعيلي من رواية أبي عوانة في هذا الحديث عن الأعمش قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: لا بأس بالمنديل، وإنما رده مخافة أن يصير عادة.
وقال التيمي في شرحه: في هذا الحديث دليل على أنه كان يتنشف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل.
وقال ابن دقيق العيد: نفضه الماء بيده يدل على أن لا كراهة في التنشيف، لأن كلا منهما إزالة.واستدل به على طهارة الماء المتقاطر من أعضاء المتطهر خلافا لمن غلا من الحنفية فقال بنجاسته.
الحديث الثامن عشر(269) :
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَسَأَلَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ
وفي الحديث من الفوائد :
واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم "توضأ " على أن الغسل لا يجب بخروج المذي، وصرح بذلك في رواية لأبي داود وغيره وهو إجماع،
وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول
واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها لأن ظاهره يعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به،
واستدل به بعض المالكية والحنابلة على إيجاب استيعابه بالغسل عملا بالحقيقة،
واستدل به أيضا على نجاسة المذي وهو ظاهر، وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: إن المذي من أجزاء المني رواية بطهارته، وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه،
واستدل به على وجوب الوضوء على من به سلس المذي للأمر بالوضوء مع الوصف بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن الكثرة هنا ناشئة عن غلبة الشهوة مع صحة الجسد، بخلاف صاحب السلس فإنه ينشأ عن علة في الجسد، ويمكن أن يقال: أمر الشارع بالوضوء منه ولم يستفصل فدل على عموم الحكم،
واستدل به على قبول خبر الواحد،
وعلى جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع وفيهما نظر لما قدمناه من أن السؤال كان بحضرة علي، ثم لو صح أن السؤال كان في غيبته لم يكن دليلا على المدعي لاحتمال وجود القرائن التي تحف الخبر فترقيه عن الظن إلى القطع قاله القاضي عياض.
وقال ابن دقيق العيد: المراد بالاستدلال به على قبول خبر الواحد مع كونه خبر واحد أنه صورة من الصور التي تدل وهي كثيرة تقوم الحجة بجملتها لا بفرد معين منها.وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء،
وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله،
وفيه ما كان الصحابة عليه من حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره،
وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحيي منه عرفا،
وحسن المعاشرة مع الأصهار وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها،
وقد تقدم استدلال المصنف به في العلم لمن استحيي فأمر غيره بالسؤال، لأن فيه جميعا بين المصلحتين: استعمال الحياء، وعدم التفريط في معرفة الحكم.
الحديث التاسع عشر :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ
وقال ابن بطال: فيه دليل على أن كل النساء يحتلمن، وعكسه غيره،
فقال: فيه دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن، والظاهر أن مراد ابن بطال الجواز لا الوقوع، أي فيهن قابلية ذلك.
وفيه دليل على وجوب الغسل على المرأة بالإنزال، ونفى ابن بطال الخلاف فيه، وقد قدمناه عن النخعي.
وكأن أم سليم لم تسمع حديث " الماء من الماء"، أو سمعته وقام عندها ما يوهم خروج المرأة عن ذلك وهو ندور بروز الماء منها.
وفيه رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، وإنما يعرف إنزالها بشهوتها،
وفيه استفتاء المرأة بنفسها، وسياق صور الأحوال في الوقائع الشرعية لما يستفاد من ذلك.وفيه جواز التبسم في التعجب، وسيأتي الكلام على قوله " فيم يشبهها ولدها " في بدء الخلق إن شاء الله تعالى.
الحديث العشرون :
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ
. وفي الحديث من الفوائد
قوله: (إن المؤمن لا ينجس) تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر فقال: إن الكافر نجس العين، وقواه بقوله تعالى (إنما المشركون نجس) وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلم يجب عليه من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليه من غسل المسلمة، فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين إذ لا فرق بين النساء والرجال.
وفي هذا الحديث استحباب الطهارة عند ملابسة الأمور المعظمة، واستحباب احترام أهل الفضل وتوقيرهم ومصاحبهم على أكمل الهيئات.
وفيه استحباب استئذان التابع للمتبوع إذا أراد أن يفارقه لقوله " أين كنت؟ " فأشار إلى أنه كان ينبغي له أن لا يفارقه حتى يعلمه.
وفيه استحباب تنبيه المتبوع لتابعه على الصواب وإن لم يسأله.
وفيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه، وبوب عليه ابن حبان الرد على من زعم أن الجنب إذا وقع في البئر فنوى الاغتسال أن ماء البئر ينجس، واستدل به البخاري على طهارة عرق الجنب لأن بدنه لا ينجس بالجنابة، فكذلك ما تحلب منه.
وعلى جواز تصرف الجنب في حوائجه قبل أن يغتسل فقال:باب الْجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ
الحديث الحادي والعشرون
(79= :
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ اَبِي مَرْيَمَ قَالَ اَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ اَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ اَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ اَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَضْحَى اَوْ فِطْرٍ اِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَاِنِّي اُرِيتُكُنَّ اَكْثَرَ اَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَاَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ اَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ اِحْدَاكُنَّ قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْاَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا اَلَيْسَ اِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا
.
وفي هذا الحديث من الفوائد :
مشروعية الخروج الى المصلى في العيد،
وامر الامام الناس بالصدقة فيه،
واستنبط منه بعض الصوفية جواز الطلب من الاغنياء للفقراء وله شروط،
وفيه حضور النساء العيد، لكن بحيث ينفردن عن الرجال خوف الفتنة،
وفيه جواز عظة الامام النساء على حدة وقد تقدم في العلم،
وفيه ان جحد النعم حرام، وكذا كثرة استعمال الكلام القبيح كاللعن والشتم، استدل النووي على انهما من الكبائر بالتوعد عليها بالنار،
وفيه ذم اللعن وهو الدعاء بالابعاد من رحمة الله تعالى، وهو محمول على ما اذا كان في معين، وفيه اطلاق الكفر على الذنوب التي لا تخرج عن الملة تغليظا على فاعلها لقوله في بعض طرقه " بكفرهن " كما تقدم في الايمان، وهو كاطلاق نفي الايمان،
وفيه الاغلاظ في النصح بما يكون سببا لازالة الصفة التي تعاب،
وان لا يواجه بذلك الشخص المعين لان التعميم تسهيلا على السامع،
وفيه ان الصدقة تدفع العذاب،
وانها قد تكفر الذنوب التي بين المخلوقين،
وان العقل يقبل الزيادة والنقصان، وكذلك الايمان كما تقدم، وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك لانه من اصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرا من الافتتان بهن، ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النقص، وليس، نقص، الدين منحصرا فيما يحصل به الاثم بل في اعم من ذلك قاله النووي، لانه امر نسبي، فالكامل مثلا ناقص عن الاكمل، ومن ذلك الحائض لا تاثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصة عن المصلي،
وهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها؟ قال النووي: الظاهر انها لا تثاب،
والفرق بينها وبين المريض انه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع اهليته، والحائض ليست كذلك.وعندي - في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب - وقفة،
وفي الحديث ايضا مراجعة المتعلم لمعلمه والتابع لمتبوعه فيما لا يظهر له معناه،
وفيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم والصفح الجميل والرفق والرافة، زاده الله تشريفا وتكريما وتعظيما.
: (باب غسل دم المحيض)الحديث الثاني والعشرون :
هذه الترجمة أخص من الترجمة المتقدمة في كتاب الوضوء وهي غسل الدم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهَا قَالَتْ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِمَاءٍ ثُمَّ لِتُصَلِّي فِيهِ
وفيه من الفوائد
وجواز سؤال المرأة عما يستحيي من ذكره،
والإفصاح بذكر ما يستقذر للضرورة،
وأن دم الحيض كغيره من الدماء في وجوب غسله.وفيه استحباب فرك النجاسة اليابسة ليهون غسلها.
وفيه جوازا استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق، بأحوال النساء،
وجواز سماع صونها للحاجة.
وقد استنبط منه الرازي الحنفي أن مدة أقل الحيض، ثلاثة أيام وأكثره عشرة لقوله " قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها " لأن أقل ما يطلق عليه لفظ " أيام ثلاثة وأكثره عشرة فأما دون الثلاثة فإنما يقال يومان ويوم وأما فوق عشرة فإنما يقال أحد عشر يوما وهكذا إلى عشرين،وفي الاستدلال بذلك نظر
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 12-23-19 الساعة 5:44 PM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
جزاك الله كل خير أختي الكريمة
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
الحديث الثالث والعشرون(314)
حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ
وفي هذا الحديث من الفوائد
التسبيح عند التعجب، ومعناه هنا كيف يخفى هذا الظاهر الذي لا يحتاج في فهمه إلى فكر؟
وفيه استحباب الكنايات فيما يتعلق بالعورات.
وفيه سؤال المرأة العالم عن أحوالها التي يحتشم منها، ولهذا كانت عائشة تقول في نساء الأنصار " لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين".
كما أخرجه مسلم في بعض طرق هذا الحديث، وتقدم في العلم معلقا.
وفيه الاكتفاء بالتعريض والإشارة في الأمور المستهجنة،
وتكرير الجواب لإفهام السائل، وإنما كرره مع كونها لم تفهمه أولا لأن الجواب به يؤخذ من إعراضه بوجهه عند قوله " توضئي " أي في المحل الذي يستحيي من مواجهة المرأة بالتصريح به، فاكتفى بلسان الحال عن لسان المقال، وفهمت عائشة رضي الله عنها ذلك عنه فتولت تعليمها.
وبوب عليه المصنف في الاعتصام " الأحكام التي تعرف بالدلائل".
وفيه تفسير كلام العالم بحضرته لمن خفي عليه إذا عرف أن ذلك يعجبه.
وفيه الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضل.
وفيه صحة العرض على المحدث إذا أقره ولو لم يقل عقبه نعم، وأنه لا يشترط في صحة التحمل فهم السامع لجميع ما يسمعه.
وفيه الرفق بالمتعلم وإقامة العذر لمن لا يفهم.
وفيه أن المرء مطلوب بستر عيوبه وإن كانت مما جبل عليها من جهة أمر المرأة بالتطيب لإزالة الرائحة الكريهة.وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وحيائه. زاده الله شرفا.
الحديث الرابع والعشرون:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ
وفي هذا الحديث من الفوائد:
استدل بذلك على جواز الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه، وكذا سلوك الطريق التي لا ماء فيها، وفيه نظر لأن المدينة كانت قريبة منهم وهم على قصد دخولها، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بعدم الماء مع الركب وإن كان قد علم بأن المكان لا ماء فيه، ويحتمل أن يكون قوله " ليس معهم ماء " أي للوضوء، وأما ما يحتاجون إليه للشرب فيحتمل أن يكون معهم، والأول محتمل لجواز إرسال المطر أو نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم كما وقع في مواطن أخرى.
وفيه اعتناء الإمام بحفظ حقوق المسلمين وإن قلت، فقد نقل ابن بطال أنه روى أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهما، ويلتحق بتحصيل الضائع الإقامة للحوق المنقطع ودفن الميت ونحو ذلك من مصالح الرعية،
وفيه إشارة إلى ترك إضاعة المال.
فيه شكوى المرأة إلى أبيها وإن كان لها زوج، وكأنهم إنما شكوا إلى أبي بكر لكون النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما وكانوا لا يوقظونه.
وفيه نسبة الفعل إلى من كان سببا فيه لقولهم: صنعت وأقامت،
وفيه جواز دخول الرجل على ابنته وإن كان زوجها عندها إذا علم رضاه بذلك ولم يكن حالة مباشرة.
وفيه تأديب الرجل ابنته ولو كانت مزوجة كبيرة خارجة عن بيته،
ويلحق بذلك تأديب من له تأديبه ولو لم يأذن له الإمام.
قوله: (فلا يمنعني من التحرك)
فيه استحباب الصبر لمن ناله ما يوجب الحركة أو يحصل به تشويش لنائم، وكذا لمصل أو قارئ أو مشتغل بعلم أو ذكر.
واستدل به على الرخصة في ترك التهجد في السفر إن ثبت أن التهجد كان واجبا عليه،
وعلى أن طلب الماء لا يجب إلا بعد دخول الوقت لقوله في رواية عمرو بن الحارث بعد قوله وحضرت الصبح " فالتمس الماء فلم يوجد "
وعلى أن الوضوء كان واجبا عليهم قبل نزول آية الوضوء ولهذا استعظموا نزولهم على غير ماء.
ووقع من أبي بكر في حق عائشة ما وقع.
قال ابن عبد البر: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ افترضت الصلاة عليه إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند.
قال: وفي قوله في هذا الحديث " آية التيمم " إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم لا حكم الوضوء.
قال: والحكمة في نزول آية الوضوء - مع تقدم العمل به - ليكون فرضه متلوا بالتنزيل.
قوله (فأنزل الله آية التيمم) قال ابن العربي: هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء، لأنا لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة.
قال ابن بطال: هي آية النساء أو آية المائدة.
وقال القرطبي: هي آية النساء.
ووجهه بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء وآية النساء لا ذكر فيها للوضوء فيتجه تخصيصها بآية التيمم.
قوله: (فتيمموا) يحتمل أن يكون خبرا عن فعل الصحابة، أي فتيمم الناس بعد نزول الآية، ويحتمل أن يكون حكاية لبعض الآية وهو الأمر في قوله: (فتيمموا صعيدا طيبا) بيانا لقوله " آية التيمم " أو بدلا.
واستدل بالآية على وجوب النية في التيمم لأن معنى (فتيمموا) اقصدوا كما تقدم، وهو قول فقهاء الأمصار إلا الأوزاعي،
وعلى أنه يجب نقل التراب ولا يكفي هبوب الريح به بخلاف الوضوء كما لو أصابه مطر فنوى الوضوء به فإنه يجزئ، والأظهر الإجزاء لمن قصد التراب من الريح الهابة، بخلاف من لم يقصد، وهو اختيار الشيخ أبي حامد.
وعلى تعين الصعيد الطيب للتيمم، .
وفيه دليل على فضل عائشة وأبيها وتكرار البركة منهما.
وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم
جواز السفر بالنساء
واتخاذهن الحلي تجملا لأزواجهن،
وجواز السفر بالعارية وهو محمول على رضا صاحبها.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الغامدي ; 12-01-19 الساعة 3:28 PM
وما من كـاتب إلا ويفنى ==ويبقي الدهـر ما كتبت يـــداه
فلا تكتب بخطك غير شيء== يسرك في القيامة أن تراه
معلومة جميلة جدا وانا فعلا جربتها وما شاء الله رائحة المسك تحفة
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)