الخطيب البغدادي
المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف
فن "المؤتلف والمختلف" من الفنون التي اعتنى بها أهل السنة لضبط الأسماء وتصحيحها، حيث إن الأسماء والأعلام يختلف نطقها مع توحد رسم الأقلام، قال ابن الصلاح: «هذا فن جميل، من لم يعرفه من المحدثين كثُرَ عثاره، ولم يعدم مُخَجِّلًا، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يُفَزع إليه، وإنما يُضبط بالحفظ تفصيلًا»، وقال العراقي في ألفيته:
وَاعْنِ بما صُورَتُه مؤتلفُ *** خطًّا ولَكنْ لفظُه مختلفُ
وقال علي بن المديني: « أشد التصحيف؛ التصحيف في الأسماء ».
ومن هذا النوع كان كتاب صاحبنا الخطيب البغدادي حيث ألف عبد الغني بن سعيد الأزدي (409 هـ) كتابين؛ أحدهما في "مشتبه الأسماء"، والثاني في "مشتبه النسبة".
وألف شيخه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني (385 هـ) كتابًا سماه "المؤتلف والمختلف".
وكثرت في هذا الفن التصانيف إلى أن جاء الخطيب البغدادي (463 هـ) فرأى أن يجمع نقص الكتب السابقة؛ وجمع بين مؤلفي الدارقطني وعبد الغني في مؤلف واحد، مع شرح ما قصّرا في شرحه، والاعتراف بسابق فضلهما فكان كتاب "المؤتنِف".
قال ابنُ خلكان: « وكان الخطيب أبو بكر صاحب "تاريخ بغداد" قد أخذ كتاب الحافظ أبي الحسن الدارقطني المُسمّى "المختلف والمؤتلف" وكتاب الحافظ عبدالغني بن سعيد الذي سماه "مشتبه النسبة" وجمعَ بينهما، وزادَ عليهما، وجعله كتابًا مستقلًا سمّاه "المؤتنف تكملة المختلف"».
وهذا الكتاب من أعظم مفاخر الخطيب البغدادي ومن آخر كتبه تصنيفًا بالشام، ألفه حين ترك بغداد وأقام في الشام بعد فتنة البساسيري.
ويصرح الخطيب البغدادي فيما نقله ابن ماكولا عنه: أنه قد جمع فيه من مؤتلف أسماء الرواة وأنسابهم ومختلفها، وما تضمنته كتب أصحاب الحديث من ذلك - وإن لم يكن المذكور راويًا - ما شذَّ عن كتابي أبي الحسن علي بن عمر وأبي محمد عبدالغني بن سعيد المصنفين في "المؤتلف والمختلف" وفي "مشتبه النسبة".
وأنه يذكر ما رسم فيهما أو في أحدهما على الوهم، ودخل على مدوِّنه فيه الخطأ والسهو، ويبين فيه صوابه، ويورد شواهده، ويذكر صحيح ما اختلفوا فيه مما انتهى إليه علمه، ويُقر ما أشكل عليه من ذلك لينسب كل قول إلى صاحبه".
تحقيق: أبي عاصم الشوامي
الناشر: المكتبة العمرية | دار الذخائر
الطبعة : الأولى 1441ه - 2020م
عدد المجلدات :2
عدد الصفحات :1568
http://www.almeshkat.net/book/15031
وداعا يا من جعلتِ الحب بديلا عن كل شيء
من المعلوم أن الفراق له وقع فاجع بين المحبين وهو يعكس مشاعر الحزن،ويكرس ألم الفراق هذا إذا كان الغائب حياً تُنتظر عودته فيتجدد نحوه الشوق بحسب طول غيابه ومسافة ابتعاده، ويظل الأمل معلقاً عليه والرجاءُ مرتبطاً به في تعليل للنفس بالآمال المرتجاة لهذه العودة القريبة، والصلة به موصولة على بُعده على أساس عودة منتظرة ورجعة مؤملة كما هو واقعنا في هذه الدنيا..
فكيف إذا كان الفراق أبدياً لا يُنتظر له إياب ولا يُؤمل بعده عودة؟ وذلك كما هو واقع الحال في رحيل مَن ينتهي أجله ولا رجعة له من رحلته الأبدية إلى دنيا الناس..
لاشك أن الفاجعة حينئذٍ ستكون فادحة والحزن أعم وأشمل. لانقطاع الأمل وتلاشي الرجاء في أوبة الراحل وعودة الغائب، وهنا يتعمق الحزن فيهزّ كيان المحزون ولا يخفف لواعج الفراق ويهدّئ من توترات المحزون سوى الدموع التي يسفحها، والرثاء الذي يخفّفها ...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)