المَقَالةُ السَّادِسَةُ فِي المَدْخَل

*****

( تَرْجَمَةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ – رَحْمَةُ اللهِ تَعَالى عَلَيْه - ) :
( خ د ت س فق ) : عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ نَجِيْحٍ السَّعْدِيُّ مَوْلاهُم ، أَبُو الحَسَنِ ابنُ المَدِيْنِيِّ البَّصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْف .

مَوْلِدُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ :
قال ابنُ أَبِي خَيْثَمَة : وُلِدَ عَليُّ بنُ المَدِينِيّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة .
وقال إِسْمَاعِيلٌ القَاضِيُّ : وُلِدَ عَليُّ بنُ عبدِ اللهِ الْمَدِينِيُّ سَلْخَ جُمَادَى الأولى سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَة .

شُيُوْخُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ ، والرُّوَاةُ عَنْه :
رَوَى عَنْ أَبِيْه ، وحمَّادِ بنِ زيدٍ ، وابنِ عُلَيَّةَ ، ومُعَاذِ بنِ مُعاذٍ ، وعبدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ ، وهشامِِ بنِِ يوسفَ ، وعبدِالرَّزاقِ ، وابنِ عُيَيْنَة ، ووَكِيْع ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ مَهْدِيِّ ، ويَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القطَّانِ ، وخَلْقٍ .
وعَنْهُ البُخاريُّ ، وأَبُو دَاودَ – ورَوَى أَبُو دَاودَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَةَ فِي التَّفْسِيْر لَه بِوَاسطةِ الزَّعْفَرَانِيِّ ، والذُّهْلِيُِّ ، وحُمَيْدُ بنُ زَنْجَوِيْه ، وغَيْرُهُم - ، ورَوَى عَنْه سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ ، ومُعَاذُ بنُ مُعاذٍ - وهُمَا مِنْ شُيُوْخِه - ، وأحمدُ بنُ حَنْبل ، وعُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ - وهُمَا مِنْ أَقْرانِه - ، وابْنُه عبدُ اللهِ ابنُ عَلِيِّ ، وأَبو بكرِ ابنُ أَبي خَيْثَمة ، وأحمدُ بنُ محمد بنِ القاسمِ بنِ مُحْرِز ، وحَنْبلُ بنُ إسحاقَ ، وعَبَّاسٌ الدَّوْرِيُّ ، وصَالِحُ وعبدُ اللهِ ابْنَا أحمدَ بنِ حَنْبل ، ويَعقوبُ بنُ شَيْبَة السَّدُوْسِيُّ ، وأَبُو حاتمٍ وأَبُو زُرْعةَ الرَّازِيَّانِ ، وأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ ، وأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ ، وأَبُو الحَسَنِ ابنُ البَرَاء ، وآخرونَ .

إمَامَةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ فِي الحَدِيْثِ ، وثَنَاءٌ شُيُوْخِه عَلَيْه :
اجتَهَدَ أبُو الحَسَنِ عَلِيُِّ بنُ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ ، وبَذَلَ فِيْه نَفْسَهُ ورُوْحَهُ ، ورَحَلَ لأجْلِهِ إلى الأقْطَارِ والبُلْدَانِ ، وسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنَ الشُّيُوْخَ ، وجَالَسَ أَهْلَ الاخْتِصَاصِ فِيْهِ ، ووُفِّقَ بِصُحْبَةِ ومُلازَمَةِ عَالِمَيْ زَمَانِيْهِمَا يَحْيَى القَطَّانِ وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِي – وقَدِ انْتَهَى إلَيْهِمَا عِلْمُ الحَدِيْثِ عِلَلِهِ ، وجَرْحِهِ وتَعْدِيْلِهِ ، فَشَرِبَ مِنْ عِلْمِهِمَا وارْتَوَى ، وحَصَّلَ عَنْهُمَا مَاجَمَعَاهُ وأوْعَى ، وزَادَ عَلَى ذَلِكَ مَا وَفَّقَهُ رَبُّهُ لِفَهْمِ هَذَا الفَنِّ بِمَا لَمْ يَتَهَيَّأ لِغَيْرِهِ إدْرَاكُهُ وفَهْمُهُ ، وصَنَّفَ فِي الحَدِيْثِ وفُنُوْنِهِ وبِخَاصةٍ فِي عِلَلِهِ ، وجَرْحِهِ وتَعْدِيْلِهِ مَالَمْ يُصَنِّفْهُ غَيْرُهُ ، حَتَّى غَدَا فِي ذَلِكَ إمَامَ هَذَا الفَنِّ وطَبِِيْبَهُ ، وفَيْلَسُوْفَهُ وخَبِيْرَهُ ، حَتَّى بَلَغَ مِنْ ذَلِكَ أنْ كَتَبَ النَّاسُ قِيَامَهُ وقُعُوْدَهُ ، ولِبَاسَه وكُلَّ شَيءٍ يقولُ ويفعلُ .
وقَدتَقَدَّمَ بيَانُ شَيْئٍ مِمَّا بَلَغَهُ أبُو الحَسَنِ فِي هَذَا البَابِ ، ومَاسَيَأتِي فِي تَصَانِيْفِه ، ومِمَّا جَاءَ عَنِ الأئِمَّةِ عَنْهُ فِي ذَلكَِ :
وقال ابنُ عُيَيْنَةَ : يَلُوْمُوْنَنَي عَلَى حُبِّ عَلَيٍّ ، واللهِ لَقَد كُنْتُ أَتَعَلَّمُ مِنْه أَكْثَرَ مِمَّا يَتَعَلَّمُ مِنِّي .
وقال أحمدُ بنُ سِنَان : كَانَ ابنُ عُيَيْنَةَ يُسَمِّي عَلَيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ " حَيَّةَ الوَّادِي " ، وإذَا اُسْتُثْبِتَ سُفْيَانُ - أَوْ سُئِلَ عَنْ شَيءٍ - يقولُ : لَوْ كَانَ " حَيَّةُ الوَّادِي " ؟ .
وقال محمدُ بنُ قُدَامَةَ الجَوْهَرِيُّ : سمعتُ ابنَ عُيَيْنَةَ يقولُ : لَوْلا عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ مَا جَلَسْتُ .
وقال ابنُ زَنْجَلَةَ : كُنَّا عِنْدَ ابنِ عُيَيْنَةَ - وعِنْدَهُ رُؤسَاءُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ - فَقَالَ : الرَّجُلَ الذَّي رَوِيْنَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ الذَّي يُحَدِّثُ عَنِ الصَّحَابَةِ ؟ فَقَالَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيُّ : زِيَادُ بنُ علاقَةَ ، فَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ : زِيَادُ بنُ علاقَةَ .
وقال حَفْصُ بنُ مَحْبُوْبٍ المَحْبُوْبِيُّ : كُنَّا عِنْدَ ابنِ عُيَيْنَةَ ، فَقَامَ ابنُ المَدِيْنِيِّ ، فَقَامَ سُفْيَانُ وَقَالَ : إذَا قَامِتِ الخَيْلُ لَمْ نَجْلِسْ مَعَ الرَّجَّالَةِ .
وقال عبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ : كَانَ يَحْيَى بنُ سعيدٍ يقولُ : إنِّي كُلَّمَا قلتُ لا أُحَدِّثُ إلى كَذَا ، اسْتَثْنَيْتُ عَلِيَّاً ونَحْنُ نَسْتَفِيْدُ مِنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَفِيْدُ مِنَّا .
وقال ابنُ الجُنَيْد عَنْ ابنِ مَعِيْنٍ : عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنْ يَحْيَى بنِ سعيدٍ ، إنَّه أُرِى عِنْدَه أَكْثَرَ مِنْ عشرةِ آلافٍ ، قِيْلَ ليَحْيَى : أَكْثَرَ مِنْ مُسَدَّد ؟ قال : نَعَم ، إنَّ يِحْيَى بنَ سعيدٍ كَانَ يُكْرِمُه ويُدْنِيه ، وكَانَ صَدِيْقُه ، وكَانَ عَلِيٌّ يَلْزَمُه .
وقال أَبُو عُبيدٍ القَاسِمُ بنُ سَلَّام : انْتَهَى العِلْمُ إلى أَرْبَعَةٍ ؛ أَبُو بكرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَسْرَدُهُمْ لَه ، وأحمدٌ أَفْقَهُهُمْ فِيْه ، وعليُّ بنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُهُمْ بِه ، ويَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ أَكْتَبَهُمْ لَه .
وقال البُخَارِيُّ - فِي " رَفْعِ اليَدِيْن " - : كَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ عَصْرِه .
وقال أبو العبَّاسُ السَّرَّاجُ : سمعتُ البُخَارِيَّ - وقِيْلَ لَه مَا تَشْتَهِي ؟ - قال : أَشْتَهِي أَنْ أَقْدُمَ العِرَاقَ وعَلِيُّ بنُ عبدِ اللهِ حَيٌّ فَأُجَالِسَهُ .
وقال ابنُ عَدِيّ : سمعتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ البُخَارِيَّ يقول : سمعتُ إبراهيمَ بنَ مَعْقَلٍ يقول : سمعتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ البُخَارِيِّ يقول : مَا اسْتَصْغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ إلاَّ عِنْدَ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيّ .
قال أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ : كَانَ عَلِيٌّ عَلَمَاً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحديثِ والعِلَلِ ، وكَانَ أحمدُ لا يُسَمِّيْه وإنَّمَا يُكَنِّيْه تَبْجِيْلاً لَه ومَا سمعتُ أحمدَ سَمَّاه قَطّ .

إمَامَةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ فِي عِلَلِ الحَدِيْث :
وقَدتَقَدَّمَ بيَانُ شَيْئٍ مِمَّا بَلَغَهُ أبُو الحَسَنِ فِي هَذَا البَابِ ، ومَاسَيَأتِي فِي تَصَانِيْفِه ، ومِمَّا جَاءَ عَنِ الأئِمَّةِ عَنْهُ فِي ذَلكَِ :
قال أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ : كَانَ عَلِيٌّ عَلَمَاً فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحديثِ والعِلَلِ ، وكَانَ أحمدُ لا يُسَمِّيْه وإنَّمَا يُكَنِّيْه تَبْجِيْلاً لَه ومَا سمعتُ أحمدَ سَمَّاه قَطّ .
وقِيْلَ لصَالحِ بنِ محمدٍ : هَلْ كَانَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ يَحْفَظُ ؟ قال : كَانتْ عِنْدَه مَعْرِفَةٌ ، قِيْلَ لَه : فَعَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ ؟ قال : كَانَ يَحْفَظُ ويَعْرِفُ .
وقال - أَيْضَاً - : أَعْلَمُ مَنْ أَدْرَكْتُ بِالحديثِ وعِلَلِه عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ ، وأَفْقَهُهُم فِيْه أحمدُ ، وأَمْهَرُهُم بِه الشَّاذَكُوْنِيُّ .
ويُرْوَى عَنِ ابنِ مَعِيْنٍ - أَنَّه سُئِلَ عَنْ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ ، والحُمَيْدِيِّ ، أَيُّهُمَا أَعْلَمُ ؟ - فقال : يَنْبَغِي لِلْحُمَيْدِيِّ أَنْ يَكْتُبَ عَنْ آخرَ عَنْ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ .
وقال الإسماعيليُّ : سُئِلَ الفرهيانيُّ : عَنْ يَحْيَى وأحمدَ وعليٍّ وأَبِي خَيْثَمَةَ ؟ قال : أَمَّا عليٍّ فَأَعْلَمَهُمْ بالعِلَلِ ، وأَمَّا يَحْيَى فَأَعْلَمَهُم بالرِّجَالِ ، وأَحْمَدُ بِالفِقْهِ ، وأَبُو خَيْثَمَةَ مِنَ النُّبَلاءِ .

مَعْرِفَةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ بِفُنُوْنِ العِلَلِ والمُذَاكَرَةُ بِهَا وإمَامَتُه فِيْهَا :
وقَدتَقَدَّمَ بيَانُ شَيْئٍ مِمَّا بَلَغَهُ أبُو الحَسَنِ فِي هَذَا البَابِ ، ومَاسَيَأتِي فِي تَصَانِيْفِه ، ومِمَّا جَاءَ عَنِ الأئِمَّةِ عَنْهُ فِي ذَلكَِ :
وقال ابنُ زَنْجَلَةَ : كُنَّا عِنْدَ ابنِ عُيَيْنَةَ - وعِنْدَهُ رُؤسَاءُ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ - فَقَالَ : الرَّجُلُ الذَّي رَوِيْنَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ الذَّي يُحَدِّثُ عَنِ الصَّحَابَةِ ؟ فَقَالَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيُّ : زِيَادُ بنُ علاقَةَ ، فَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ : زِيَادُ بنُ علاقَةَ .
وقال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيِّ : عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ ، وخَاصَّةً بِحَدِيْثِ ابنِ عُيَيْنَةَ .
وقال أَبُو قُدَامَةَ السَّرْخَسِيُّ : سمعتُ عَلِيَّ ابنَ المَدِيْنِيِّ يقولُ : رأيتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ كَأنَّ الثُّرَيَّا تَدَلَّتْ حَتَّى تَنَاوَلْتُهَا .
قال أَبُو قُدَامَةَ : فَصَدَّقَ اللهُ رُؤيَاه ، بَلَغَ فِي الحديثِ مَبْلَغًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ .
وقال ابنُ عَدِيّ : سمعتُ الحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ البُخَارِيَّ يقول : سمعتُ إبراهيمَ بنَ مَعْقَلٍ يقول : سمعتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ البُخَارِيَّ يقول : مَا اسْتَصْغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ إلاَّ عِنْدَ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيّ .
وقال أَبُو عبدِ الرَّحمنِ النَّسَائِيُّ : كَأنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ عَلِيَّ ابنَ المَدِيْنِيِّ لِهَذَا الشَّأن .
وقَالَ - فِي " الحَجّ " فِي " السُّنَن " : خُلِقَ لِلْحَدِيْثِ .
وقال النَّسَائِيُّ : ثِقَةٌ مَأمُوْنٌ ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ .
وقال أحمدُ بنُ سعيدٍ الرباطيُّ : قالَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ : مَا نَظَرْتُ فِي كِتَابِ شَيْخٍ فَاحْتَجْتُ إلى السُّؤالِ
بِه عَنْ غَيْرِي .
وقال العبَّاسُ العَنْبَرِيُّ : لَقَد بَلَغَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ مَا لَوْ قُضِيَ أَنْ يَتِمَّ عَلَيْه لَعَلَّه كَانَ يُقَدَّم عَلَى الحَسَنِ البَّصْرِيِّ ؛ كَانَ النَّاسُ يَكْتُبُوْنَ قِيَامَه وقُعُوْدَه ولِبَاسَه وكُلَّ شَيءٍ يقولُ ويفعلُ .
وقال العبَّاسُ السَّراجُ : سمعتُ أَبَا يِحْيَى – يَعْنِي : صَاعِقَةَ - يقولُ : كَانَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ إذَا قَدِمَ بَغْدَادَ تَصَدَّرَ الحَلَقَةَ ، وجَاءَ يَحْيَى ابنُ مَعِيْنٍ وأحمدُ بنُ حَنْبَلَ ، والمُعَيْطِيُّ ، والنَّاسُ يَتَنَاظَرُوْنَ فَإذَا اخْتَلَفُوْا فِي شَيءٍ تَكَلَّمَ فِيْه عَلِيٌّ .
وقال الأَعْيَنُ : رأيتُ عَلِيَّ ابنَ المَدِيْنِيِّ مُسْتَلْقِيَاً ، وأحمدُ عَنْ َيِمْيِنه وابنُ مَعِيْنٍ عَنْ يَسَارِه وهُوَ يُمْلِي عَلَيْهِما .
وقال ابنُ المَدِيْنِيِّ : تركتُ مِنْ حَدِيْثِي مِائةَ ألفٍ فِيْهَا ثلاثونَ ألفَاً لعبَّادِ بنِ صهيبٍ .
وقال الآجريُّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ : عَلِيٌّ أَعْلَمُ بِاخْتِلافِ الحديثِ مِنْ أحمدَ .
قال محمدُ بنُ عثمانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ سمعتُ عليَّاً يقولُ : كنتُ إذا قدمتُ إلى بغداد منذُ أَرْبعينَ سنةً كانَ الذي يُذاكرني أحمدُ بنُ حَنْبَل ، فَرُبَّمَا اخْتَلَفْنَا في الشيءِ فنسألُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فيقومُ فيخرجه ، مَا كانَ أَعْرَفَه بموضعِ حدِيْثِه .
وقال ابنُ حِبَّانَ ِفي " الثِّقَات " : وَلِدَ بالبَصْرَةِ سَنَةَ 62 ، وكَانَ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِعِلَلِ حَدِيْثِ رَسُوْلِِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّمَ ، رَحَلَ ، وجَمَعَ ، وكَتَبَ ، وصَنَّفَ ، وذَاكَرَ ، وحَفِظَ .

تَصَانِيْفُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ فِي عِلَلِ الحَدِيْث ، والجَرْحِ والتَّعْدِيْلِ ، وفُنُوْنِ الحَدِيْث :
عَنْ عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ قال : صَنَّفْتُ المُسْنَدَ عَلَى الطُّرُقِ مُسْتَقْصَى ، وجَعَلْتُه فِي قَرَاطِيْسَ فِي قِمْطَرٍ كَبِيْرٍ ، ثُمَّ غِبْتُ عَنِ البَّصْرَةِ ثلاثَ سنينَ فَرَجَعْتُ وقَد خَالَطَتْه الأَرَضَةُ فَصَارَ طِيْنَاً فَلَمْ أَنْشَطْ بَعْدُ لِجَمْعِه .
وقال يعقوبُ بنُ سفيانَ : حدَّثني بكرُ بنُ خلفٍ قال : قَدِمْتُ مكَّةَ وبِهَا شابٌ حافظٌ ، وكَانَ يُذَاكِرُنِي المُسْنَدَ بِطُرُقِه ، فقلتُ لَه : مِنْ أَيْنَ لكَ هَذَا ؟ قال : طلبتُ إلى عَلِيِّ ابنِ المَدِيْنِيِّ - أَيَّامَ ابنِ عُيَيْنَةَ - أَنْ يُحَدِّثُنِي بِالمُسْنَدِ ، فقال : قَدْ عرفتُ ، إنَّمَا تُرِيْدُ بِمَا تطلبُ مِنِّي المُذَاكَرَةَ ، فإنْ ضمنتَ لِي أنَّكَ تُذَاكِرُ ولا تُسَمِّيِني فَعَلْتُ ؟ قال : فَضَمِنْتُ لَه ، واخْتَلَفْتُ إليْه ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُنِي هَذَا الذِّي أُذَاكِرُكَ بِه حِفْظَاً .
وقال ابنُ حِبَّانَ ِفي " الثِّقَات " : وَلِدَ بالبَصْرَةِ سَنَةَ 62 ، وكَانَ مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِعِلَلِ حَدِيْثِ رَسُوْلِِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْه وسلَّمَ ، رَحَلَ ، وجَمَعَ ، وكَتَبَ ، وصَنَّفَ ، وذَاكَرَ ، وحَفِظَ .
قال أَبُو الحَسَنِ محمدُ بنُ صالحٍ الهاشميُّ : هَذِهِ أَسَامِي مُصَنَّفَاتِ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ :
كِتَابُ الأَسَامِي والكُنَى - ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ الضُّعَفَاءِ - عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ المُدَلِّسِيْنَ - خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ أَوَّلِ مَنْ نَظَرَ فِي الرِّجَالِ وفَحَصَ عَنْهُم – جُزْءٌ - ، كِتَابُ الطَّبَقَاتِ - عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ مَنْ رَوَى عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَرَهُ – جُزْءٌ - .
عِلَلُ المُسْنَدِ - ثَلاثُوْنَ جُزْءَاً - ، كِتَابُ العِلَلِ لإسماعيلَ القاضيِّ - أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءَاً ، عِلَلُ حَدِيْثِ ابنِ عُيَيْنَةَ - ثَلاثَةٌ وعِشْرُوْنَ - .
كِتَابُ مَنْ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ ولا يَسْقُطْ – جُزْآن - ، كِتَابُ مَنْ نَزَلَ مِنَ الصَّحَابَةِ سَائِرَ البُلْدَان - خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ التَّارِيْخِ - عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ العَرْضِ عَلَى المُحَدِّثِ – جُزْآن - ، كِتَابُ مَنْ حَدَّثَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ - جُزْآن - .
كِتَابُ يِحْيَى وعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الرِّجَالِ - خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ - ، سُؤْالاَتُه يَحْيَى - جُزْآن - .
كِتَابُ الثِّقَاتِ والمُتَثَبِّتِيْنَ - عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ - .
كِتَابُ اخْتِلافِ الحَدِيْثِ - خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ الأَسَامِي الشَّاذَّةِ - ثَلاثَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ الأَشْرِبَة - ثَلاثَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ تَفْسِيْرِ غَرِيْبِ الحَدِيْثِ - خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ - .
كِتَابُ الإخْوَةِ والأَخَوَات - ثَلاثَةُ أَجْزَاءٍ - ، كِتَابُ مَنْ يُعْرَفُ بِاسْمٍ دُوْنَ اسْمِ أَبِيْهِ - جُزْآن - ، كِتَابُ مَنْ يُعْرَفُ بِالْلَقَبِ .
والعِلَلُ المُتَفَرِّقَةُ - ثَلاثُوْنَ جُزْءَاً - .
وكِتَابُ مَذَاهِبِ المُحَدِّثِيْنَ - جُزْآن - .
قال أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ : وجَمِيْعُ هَذِهِ الكُتُبِ قَدِ انْقَرَضَتْ ، ولَمْ نَقِفْ عَلَى شَيءٍ مِنْهَا إلاَّ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ حَسْبُ ، ولَعَمْرِيْ إنَّ فِي انْقِرَاضِهَا ذَهَابَ عُلُوْمٍ جَمَّةٍ وانْقِطَاعِ فَوَائِدَ ضَخْمَةٍ ، وكَانَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ فَيْلَسُوْفَ هَذِهِ الصَّنْعَةِ وطَبِيْبَهَا ولِسَانُ طَائِفَةِ الحَدِيْثِ وخَطِيْبَهَا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وأَكْرَمَ مَثْوَاهُ لَدَيْهِ
.

عَقِيْدَةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ :
وقال ابنُ أَبِي خَيْثَمَةَ : سمعتُ ابنَ مَعِيْنٍ يقول : كَانَ عَلِيُّ ابنُ المَدِيْنِيِّ إذَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَظْهَرَ السُّنَّةَ ، وإذَا ذَهَبَ إلى البَّصْرَةِ أَظْهَرَ التَّشَيُّعَ .
وقال محمدُ بنُ عثمانَ ابنِ أَبِي شَيْبَةَ : سمعتُ عَلِيَّاً عَلَى المِنْبَرِ يقولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ القرآنَ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ، ومَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لا يُرَى فَهُوَ كَافِرٌ ، ومَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يُكَلِّم مُوْسَى عَلَى الحَقِيْقَةِ فَهُوَ كَافِرٌ .
وقال محمدُ بنُ مَخْلَد : سمعتُ محمدَ بنَ عثمانَ ابنِ أَبِي شَيْبَةَ يقولُ : سمعتُ عَلِيَّ ابنَ المّدِيْنِيِّ - قَبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بشهرينِ - يقولُ : القرآنُ كلامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ .
وقال عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ : سمعتُ عَلِيَّ ابنَ المَدِيْنِيّ يقولُ : هُوَ كُفْرٌ - يَعْنِي : القولَ بخلقِ القرآنِ - .
وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ - فِي " المُسْنَدِ " بَعْدَ أَنْ رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَلِيٍّ حَدِيْثَاً - : لَمْ يُحَدِّثْ أَبِي بَعْدَ المِحْنَةِ عَنْهُ بِشَيءٍ .
وقال جَعْفَرُ بنُ أحمدَ بنِ سالمٍ : أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ إلى البَصْرَةِ فَقُلْتُ لابنِ مَعِيْنٍ : يَا أَبَا زَكَرِيَّا : عَمَّنْ أَكْتُبُ ؟ فَسَمَّيْتُ رِجَالاً ، حَتَّى ذَكَرْتُ ابنَ المَدِيْنِيِّ ، قالَ أَبُوْ خَيْثَمَةَ – وهُوَ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةٍ مِنَّا، فَقَالَ - : لا وَلا كَرَامَةَ ، لا تَكْتُبْ عَنْهُ ، فَسَكَتَ يَحْيَى حَتَّى فَرَغَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : إنْ حَدَّثَكَ فَاكْتُبْ عَنْهُ فَإنَّه صَدُوْقٌ .
وقال ابنُ أَبِي حَاتِمٍ : قالَ أَبُوْ زُرْعَةَ : لا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِ ، وتَرَكَ أَبُوْ زُرْعَةَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ المِحْنَةِ .
قال : وَكَانَ أَبِي يَرْوِي عَنْهُ لِنُزُوْعِهِ عَمَّا كَانَ مِنْهُ .
وقال أَبُو جَعْفَرٍ العَقِيْلِيُّ : جَنَحَ إلى ابنِ أَبِي دُؤاد والجَهْمِيَّةِ ، وحَدِيْثُهُ مُسْتَقِيْمٌ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
قال ابنُ حَجَر : تَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ - وَمَنْ تَابَعَهُ - ؛ لأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إجَابَتِهِ فِي المِحْنَةِ ، وقَدِ اعْتَذَرَ الرَّجُلُ عَنْ ذَلِكَ وَتَابَ وأَنَابَ .

وَفَاةُ أَبي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ عبدِ اللهِ ابنِ المَدِيْنِيِّ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالى عَلَيْه :
وقال حَنْبَلُ ، والحَضْرَمِيُّ ، والبَغَوِيُّ ، والحَارِثُ ابنُ أَبِي أُسْامَةَ : مَاتَ سَنَةَ أربعٍ وثلاثينَ ومائتينِ .
وفِيْهَا أَرَّخَه البُخَارِيُّ ، وزَادَ يومَ الإثنينِ ليومينِ بَقِيَا مِنْ ذِيْ القِعْدَة .
انتهى ، وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ .
ويَلِيْه فِي المَقَالَةِ السَّابِعَةِ : تَرْجَمَةِ أَبي عَبْدِ اللهِ أحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اللهِ تَعَالى عَلَيْه .
وكَتَبَه أبو محمد عبد الوهاب بن عبد العزيز الزيد – الاثنين 2/8/1437 هـ .

موقع . جامع أهل السُّنَّة والحديث
http://hdeth.com/
للإطلاع على المقالة الأولى من هذا الرابط
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...288#post579288
المَقَالةُ الثَّانِيةُ فِي المَدْخَلِ :
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...613#post579613
المَقَالةُ الثَّالِثَةُ فِي المَدْخَل

http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=147466&p=580594#post580594

المَقَالةُ الرَّابِعَةُ فِي المَدْخَل :
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=147467&p=580609#post580609
المَقَالَةُ الخَامِسَةُ :
http://www.almeshkat.net/vb/showthre...652#post580652