السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الأستاذ الفاضل مهذب مشرف مشكاة الاستشارات هذه رسالة وصلت من خلال بريد الموقع لأحد الإخوة يقول فيها :
تعاملت مع زوجتي بكل عواطفي و دائما البي رغباتها و لو على حساب وقتي و عملي. أصبحت في السنين الأخيرة تستعمل أساليب طارضة كالتقليل من شأني و جرح مشاعري حتى أحيانا أمام الابناء و هم غير راضين من سلوكها يقولو خليها تقول زي ما عايز. عمر زواجنا الثلاثين عام . كيف أفك هذا اللغز?
خُلِق الإنْسَان في كَبَد ، في مَشَقَّة ومُكابَدَة في هذه الْحَيَاة الدُّنْيا ، ومِن مَنْظُومَة تِلْك الْمَشَقَّة ما يَمُرّ بِه الإنْسان في هذه الْحَيَاة مِن شِدَّة ولأْوَاء ، يَتَصَرَّف في بعضها ، ويَقِف أمَام بعضِها الآخَر حائرًا متلمِّسا مَن يأخُذ بِيَدِه ، ويُشِير عَلَيْه بِما فِيه الرَّشَد .
فيُضِيف إلى عَقْلِه عُقولاً ، وإلى رأيه آراءً ، وإلى سِنِيِّ عُمرِه سِنِين عَدَدا ، حَنَّكَتْها التَّجارُب وصَقَلَتْها الْحَيَاة ، فازْدَادَتْ تِلْك العُقُول دِرايَة ، فأصْبَحَتْ نَظرتها للأمُور ثاقِبَة ، فَهْي أحَدّ نَظَرا ، وأبْصَر بِمواقِع الْخَلَل ، وأكْثَر تقدِيرا لِعَوَاقِب الأمور ، خاصَّة إذا انْضَاف إلى تِلْك العُقُول تَقوى الله ، فإنَّها حينئذٍ تَتَفَرَّس في الوُجُوه ، وتُمَيِّز الزَّيْف .
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا) [الأنفال:29] .
وكَانَت العَرَب تُولِي الرأي اهْتِماما ، وتَرْفع له شأنا ، ولِذا خَرَجَتْ هَوازِن بِدُريْد بن الصِّمَّة ، وكان شَيخا كبيرا ليس فيه شيء إلاَّ التَّيَمُّن بِرَأيه ومَعْرِفَتِه بِالْحَرَب ، وكان شَيْخًا مُجَرَّبًا وما ذلك إلاَّ لأهميَّة الرأي والْمَشُورَة عند العرب .
وقد جاء الإسلام بِتَأكِيد هذا الْمَبْدأ ، فَكَان مِن مبادئ الإسْلام : الشُّورَى . فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُشَاوِر أصحابه ، وكان يأخذ بِرأيِهم فيما لم يَنْزِل فيه وَحْي .
وكان يَقول : أيها النَّاس أشِيرُوا عليّ .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . .
واسأل الله العظيم أن يتمم لكم على خير ويديم بينكما حياة الودّ والرحمة ...
أخي الكريم . . .
ثلاثون عاماً .. هو مؤشّر ( نجاح ) و ( استقرار ) وونضج وشعور بأهميّة الأسرة والحفاظ عليها . .
ومما يظهر من رسالتك أن حكمتك وسعة بالك ، وجميل لطفك كان عاملاً مهمّاً في الحفاظ على أسرتك بعد توفيق الله ومنّته .
أخي الكريم . .
حين يكبر الزوجان . . تصبح لهما احتياجات غير احتياجات أول عمر الزواج . .
ولذلك من المهم جداً أن يتفهّم الطرفان حاجة الطرف الآخر . .
الرجل بحاجة في مثل هذا العمر إلى أن يعيش نوعاً من الهدوء والاستقرار النفسي والعاطفي ويشعر بالاهتمام ممن حوله ، ولا يشعر بالتهميش أو التطنيش .
والمرأة في مثل هذا العمر ايضا بحاجة أن تشعر بأهميّـها و ( أنوثتها ) عند زوجها لأنها لا تحب أن تشعر بأنها فقدت جاذبيّـها عند زوجها ، لذلك هي ربما تتعامل مع الواقع بنوع من التصادم .
أخي الكريم . .
قد جرّبت في حياتك وطوال ( 30 ) عاماً كيف أن الرّفق واللين ساعدك على أن تدير حياتك - ولو بنوع من الالتعب والألم - فهذههي طبيعة الحياة .
تكلّم مع زوجتك بهدوء . .
لا تقابل غضبها بغضب . .
ولا تقابل عنادها بعناد . .
عوّدها المدح أمام ابنائها . .
عوّدها اللطف والكلمة الطيبة . .
عوّدهاالدعاء لها بالخير وقرّة العين . .
اقترح عليها أن تتعاون أنت وإيّاها على عبادة معيّنة .. كقراءة القرآن مع بعضكما .
غيّر من روتين حياتك مع زوجتك . .
اخرج معها في نزهة في رحلة مع بعضكما بدون الأبناء ..
دائماً عوّد ابناءك على احترام أمهم . .
مهما كان تصرّفها معك فلا تجعل الأبناء حكما بينك وبينها . . بل اعتذر لها عند ابنائك وافهمهم أن هذا شيء طبيعي يكون في الحياة . .
وأن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع النساء يتمثّل في سيرته وهديه وقوله ومن ذلك : " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر " .
أكثر لها ولنفسك من الدعاء والله يرعاك ؛ ؛ ؛
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)