سماحة المعلم و الشيخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن السحيم
نضر الله وجهكم و رضى الله عنكم
أستأذن سماحتكم بسؤال
أنتشرت في الأونة الأخيرة (كما لا يخفى عليكم) نشر كلام المبتدعه و الصوفية, فحذرت مسلم منهم و قمت بنقل فتوى لسماحتكم المباركة القيمة و تحذيركم من الاستماع لاهل الأهواء و البدع.
و لكن قام بالرد علي يقول بجواز ذلك و احتج بان تفسير ابن كثير ملاء بالإسرائيليات.
و قال أيضاً (في حديث ابي هريرة حينما امسك بالشيطان دليل على انه يجوز لي الأخذ عن الشيطان نفسه أمور الإيمان و العقيدة فكيف لا انقل كلام حتى غير المسلمين )او كما قال.اهــ
اسأل الله جل و علا أن ينضر وجه شيخنا
و أن يجعله غصه في حلق أهل البدع
و أن يحبب فيه أهل التوحيد
اللهم ارضى عليه و ارضه و حبه و حبب فيه من تحبه
و أدخله الجنة
قال شيخنا عبد الرحمن السحيم -نضر الله وجهه-:
حينما يَكْبو الجواد كَبْوَة ، وتَزِلّ القَدَم زَلَّـة ، ويَهفو الإنسان هَفْوَة ، فإنه له واعِظ مِن نفسه يأتيه باللوم والندم ..تلك هي النفس اللوامة التي أقْسَم بها ربّ العِزّة سبحانه ..فإذا تحرّكت عنده تلك الـنَّفْس ، أيْقَظَتْ القَلْب ، وبَعثَتْه على التوبة ، والفِرار مِن الله إليه ...
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بِمثل ما دعوت .
كلام الشيطان لم يعتمده أبو هريرة رضي الله عنه إلاّ بعد أن أقرّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حينما قال له : " صَدَقَك وهو كذوب " .
فمن الخطأ القول بـ(أنه يجوز لي الأخذ عن الشيطان نفسه أمور الإيمان والعقيدة فكيف لا انقل كلام حتى غير المسلمين) ؛ لأن الأخذ عنه لم يكن ابتداء ، وإنما كان بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم جزء مِن سُنّته .
وعلى المسلم أن يُنظِّف الطُّرُق إلى قلبه ، فلا يَستمِع إلى صاحب هوى ولا إلى صاحِب بِدعة ، فإن السلف ينهون عن ذلك أشدّ النهي ، ويقولون : الـشُّبَـه خطّافة .
ويُحذِّرون مِن الاستماع على الباطل ؛ لأن الإنسان لا يَدري ما يَعْلَق بِقَلْبِه منه .
قال ميمون بن مهران : ثلاث لا تَبْلُوَنّ نَفْسَك بِهِنّ : لا تدخل على السلطان ، وإن قلت آمُره بِطاعة الله ، ولا تُصغينّ بِسَمعك إلى هوى ، فإنك لا تدري ما يَعْلَق بِقَلْبِك منه ، ولا تدخل على امرأة ، ولو قُلتَ أُعَلِّمُها كتاب الله .
ولا يُنصَح طالب العِلْم المبتدئ بقراءة كلام أهل الأهواء ، فَكم ضلّ مِن شاب ، وزَلّ مِن طالب عِلْم بسبب قراءة كُتب أهل الضلال .
وقد يَقرأ طَالِب العِلْم كلام أهل الأهواء بِحُجَّة قُوّته العِلْمِية أوْ غير ذلك مِن الحجج . وهذا خلاف ما أمَر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمَر بالابتعاد عن مواطِن الفِتن ، فقال عليه الصلاة والسلام : من سمع بالدجال فَلْيَنْأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فَيَتْبَعه مما يَبْعَث به مِن الشُّبُهات . رواه أحمد وأبو داود . وصححه الألباني والأرنؤوط .
ووُجود الإسرائيليات وبعض الأحاديث الموضوعة في بعض كُتب التفسير أو في بعض كُتب السنة ، لا يُسوِّغ قراءة كلام أهل البِدَع والأهواء ؛ لأن العلماء نبّهوا إلى المنهجّ الْمُتَّبَع في كُتبُهم .
فابن كثير على سبيل المثال نبَّـه إلى المنهج الْمُتَّبَع في التعامل مع الإسرائيليات .
ويجوز الانتفاع بِما لدى بعض أهل الأهواء مما وافَقوا فيه الحق ، وهذا ليس مجالا مفتوحا لكل أحد ، وإنما هو لِطالب العِلْم الْمُتمَكِّن ، الذي يُميِّز الصحيح مِن السقيم ، والذي لا يَلْتَبِس عليه الأمر ، ولا يشتبه عليه الحق بِغيره .
كما أن في أقوال أهل السنة وعلومهم ما يُغني عن أقوال أهل البِدع ، وفلسفة أهل الباطل .
وعلى طالب العِلْم أن يشتغل بتأصيل نفسه قبل أن يشتغل بغير ذلك .
وهل بُلِيَت الأمّة إلاّ بِنَقْل وترجمة علوم وفلسفات اليونان ، بِحُجّة الاستفادة بِما لدى الآخَرين ؟!
وهل انتهينا مِن مُطالَعة علوم المسلمين الأصيلة حتى ننتقل إلى أقوال أهل البِدَع والإسرائيليات ؟
وسبق :
ما حكم الأخذ بالإسرائليات
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=46490
والله تعالى أعلم .
رحم الله ابن حزم ، قال ، فَصَدَق ..
قال ابن حزم رحمه الله في " الفصل في الملل والأهواء والنحل " :
اعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يُجرِ الله على أيديهم خيرا ! ولا فَتح بهم مِن بلاد الكفر قرية ، ولا رُفع للإسلام راية ، وما زالوا يَسعون في قلب نظام المسلمين ويُفرِّقون كلمة المؤمنين ، ويَسلّون السيف على أهل الدِّين ، ويَسعون في الأرض مفسدين .
أما الخوارج والشيعة فأمْرُهم في هذا أشهر مِن أن يُتَكَلَّف ذِكْره .
وما تَوَصَّلَت الباطنية إلى كيد الإسلام وإخراج الضعفاء منه إلى الكفر إلاّ على ألْسِنة الشيعة . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرافضة : فهل يوجد أضل من قوم يعادون السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويُوالُون الكفار والمنافقين ؟!
وقال رحمه الله : الرافضة ليس لهم سعي إلاّ في هدم الإسلام ، ونقض عُراه ، وإفساد قواعده .
وقال أيضا : ومَن نَظر في كتب الحديث والتفسير والفقه والسير عَلِم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، وأن أصل كل فِتنة وبَلِية هم الشيعة ومَن انضوى إليهم ، وكثير مِن السيوف التي سُلّت في الإسلام إنما كانت مِن جهتهم ، وعَلِم أن أصلهم ومادّتهم منافقون ، اختلقوا أكاذيب ، وابتدعوا آراء فاسدة ، ليفسدوا بها دين الإسلام .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)