بــــســـم الـــلــه الــرحــمــن الــرحــيــمرغم كثرة وسائل الدعوة الى الله ، فإن الواقع يشهد بأن أيا منها لم يفقد فعاليته، فلكل شيء زبائن وهواة.
فمن على الإنترنت ، ومن على القنوات الفضائية ، ومن على منابر المساجد ، ومن يطرق الأبواب ، ومن على الإذاعة...، ولاحظوا أيها الإخوة رغم بعد العهد بالإذاعة ووجود عدد كبير مما يغني عنها من وسائل الدعوة فإنها لاتزال موجودة ومؤثرة، حتى المراسلة بالبريد العادي لازالت موجودة ، لكن موضوعنا هو الكتيبات ، كيف نجعلها اكثر فعالية.
في سنة من السنين شدني موقف ، وهو أنني كنت اسير بسيارتي على احد الخطوط السريعة فلما وصلت مركز الشرطة الواقع قبل احد المدن بعشر دقائق وجدت رجلا من مكتب الدعوة والإرشاد وقد جلس على كرسي وامامه طاولة عليها عدد كبير من المطويات وكلما جاءت سيارة ووقفت عند مركز الشرطة اعطى صاحبها عددا من الكتيبات ، فجزاه الله خيرا على فعلته.
ثم إنه صادف ذلك ان حان وقت الصلاة فأوقفت سيارتي لأصلي في المسجد الواقع في أحد محطات الوقود قبل دخول البلد ، وعندما دخلت المسجد فوجئت بشيء محبط ، وهو أن كل من جاء ليصلي يضع الكتيبات التي اخذها آنفا في المسجد وقد تكومت بشكل كبير، فتساءلت لماذا لايريد الناس القراءة؟
وعندما مررت في أحد الأيام في محطة بنزين في قرية على أحد الطرق البعيدة والذي لايمر به الا اهل البادية ، فوجدت في المسجد كتيبا اسلاميا باللغة الإسبانية ، فقلت سبحان الله ، انا في بلاد الحرمين والتي يأتيها عدد كبير جدا من الجنسيات إما للحج او العمرة او العمل او الزيارة ، ومع ذلك لم أرى في حياتي اسبانيا ، فلماذا يوضع هذا الكتيب في مثل هذا المكان شبه النائي؟
عندئذ تذكرت ونحن في المرحة الثانوية وقد وزع علينا المدرسون كتاب صفة الصلاة للألباني حيث وضعه اغلب الطلاب على الجدران بل وبعضهم رماه على الأرض ، اما انا ـ وقد كنت افضلهم حالا ـ اخذته الى البيت وله الآن عندي عشرون عاما لم اقرأه.
فلماذا هذا الجفاء؟ ولماذا ننفق هذا الإنفاق ولا يستفاد منه رغم ماترون ايها الإخوة من الفوائد العظمى لهذه الكتيبات.
الإجابة هي ان الدعاة والناشطين والمتحركين هم السبب.
يجب أن يعلم عدة أمور حتى نكون على وعي في استخدام هذه الوسيلة:
1ـ ان الناس على صنفين ، فإما طالب علم وهذا اصلا لايحتاج من يوزع عليه الكتيبات لأنه يجيد الإبحار في بطون الكتب والمواقع الإسلامية ، أما النوع الأهم وهو العوام ، وهم الموجه إليهم هذا النوع من وسائل الدعوة ، ونحن خطأ منا قلبنا الأمر فجعلناه موجها لطالب العلم ، فلم يقرأه طالب العلم وعجز عنه العامي.
2ـ ان سائر العوام نادرا مايقرأون ، واذا قرأوا فإنهم لايقرأون إلا ماأجبروا عليه ، إما لعمل او لقراءة توجيهات على لافتة في مكان عام.
3ـ ان عوام الناس اذا قرأوا فإن اكثر مايجذبهم هو الجرائد والمعلومات المختصرة ، والسبب هو الإختصار.
ومن هنا ندرك عدة اخطاء وقعنا فيها في استخدامنا لهذه الوسيلة الدعوية:
1ـ طرقنا فيها مواضيع لايمكن للعامي ان يفهما ، فهي موجهة لطالب العلم اصلا.
2ـ جعلنا من حجم الكتيب كبيرا وخطه صغير جدا ، فإذا شاهده مشاهد ترك قراءته.
3ـ وضعنا الكتيبات في غير موضعها، فكتاب عجمي عند العرب أو العكس ، وكتاب علمي تأصيلي عند العوام ...
4ـ كتبنا مواضيع لاتهم العامي ناهيك عن تنفيره من الدين ـ كانتقاد الجماعات والمشايخ ـ وهذا الأمر تمارسه بعض التيارات هداهم الله.
وكانت النتيجة : ان نفر الناس مع الوقع من قراءة الكتيبات في بيوتهم واستراحاتهم واماكن الإنتظار ، فتعطلت هذه الوسيلة عن الوصول الى الناس وضعف اثرها رغم كثرة نفعها.
ومن هنا احب أن اقول مايجب علينا عمله من شروط وضوابط نعمل بها بهذه الوسيلة:
1ـ ان تكون موجهة حصريا لعوام الناس ، وأنا اعني ما أقول ، فطالب العلم يستطيع ان يفيد نفسه من مصادر عدة وعامة المتدينين يستطيعون السؤال ، اما العامي فهو معرض بالكلية ولا يعلم شيئا عن عالم التدين وتفاصيله.
2ـ يمنع بتاتا كتابة مواضيع تخص الجماعات او الأديان أو الفرق الضالة ـ الا في حالات محدودة ـ إذ أنها لاتهم القارئ العامي.
3ـ يمنع بتاتا ان تزيد عدد الصفحات عن 20 صفحة.
4ـ ان لا تزيد عدد السطور عن 10 اسطر في الصفحة الواحدة وأن لا يزيد طول السطر الواحد عن 9سم.
وإذا طبقنا الفقرات 2 و 3 و 4 فالنتيجة أن القارئ لما يبدأ بقراءة الكتيب مايلبث ان ينهي الصفحة فيتشجع لقراءة مابعدها فلا يجد نفسه الا وقد انهى الكتيب كاملا ، فتنفتح شهيته لقراءة كتيبات اخرى وقد يعيد قراءة الكتيب مرتين وثلاثة.
5ـ قلل قدر الإمكان من كتابة الآيات والأحاديث ، والسبب هو مخاطبة الناس بما يفهمون ، فكما قلنا هي موجهة للعوام ، فاليوم حتى كثير من طلبة العلم لايفهمون من القرآن والسنة ماكان يفهمه العامي من الصحابة ، فكيف نطالب العامي منا بذلك.
6ـ اذا ذكرت قول عالم فلا تذكر اسمه ، بل قل {وقد قيل ، وقيل ، وقالوا} ثم اجعل العزو في الهامش ، والسبب ان العامي يدخل في متاهات الأسماء وغرابتها على عقله تقلل من ثمرة قراءته.
7ـ تجنب اي عبارة غير مألوفة لدى عامة الناس ، كقول {تمرير العقل على النقل} أو {الدين يخبر بمحارات العقول لابمحالات العقول} ، فإن العامي لاتعنيه هذه العبارات ولايستفيد منها ، بل إنها تقلل من تركيزه وتكبر الموضع عليه.
8ـ تجنب ذكر كلمات عامية من كلمات المجتمع ، وذلك حفاظا على اللغة العربية وربط الناس بها.
9ـ اجعل غلاف الكتيب ملونا ، واجعل الكتابة بخط واضح.
10ـ لاتكتب مقدمة ، بل سم الله واحمده وصلي على النيبي صلى الله عليه وسلم وادخل في الموضوع مباشرة، وتذكر أنك لاتكتب رسالة تأصيلية ، بل هي رسالة توجيه لعامي ، فالمهم ان يقرأ.
11ـ ابتعد عن الكتابة العملية الإستدلالية ، كقول : {امر الله بالتوحيد ونهى عن الشرك والدليل هو كذا وكذا} ، والسبب هو ان العامي من الناس لن يسألك عن دليل.
12ـ اجعل مواضيعك عن الرقائق واركان الإيمان واركان الإسلام والمحرمات ، والاعمال الفاضلة ، وما يرقق القلب وما يقسيه.
فإذا كتبنا بهذه الصورة فإننا سنضع الشيء في موضعه ، كذلك فسيحب الناس قراءة الكتيبات شئيا فشيئا.
دمتم بخير،،،،،
جزاك الله خيرا
جُروحُ الأمة لا تتوقف عن النّزف !
بارك الله فيك وفي جهدك واسال الله الا يحرمك الاجر
بارك الله فيك وفي جهدك واسال الله الا يحرمك الاجر
موضوع قيم جداً بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء وجعله فى ميزان حسناتكم
يحتاج للدخول فى حيز التطبيق
فهيا بنا إخوانى الكرام نشحذ الهمم كل فى موقعه وفى بلده وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
وفقكم الله
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)