-
لا تغترّوا بِسَعة رحمة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد حرّم على النار مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله . رواه البخاري ومسلم .
زاد مسلم : قال الزهري : ثم نزلت بعد ذلك فرائض وأمور نَرى أن الأمر انتهى إليها ؛ فمن استطاع أن لا يغترّ ، فلا يغترّ .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقرِن بين التذكير بالمغفرة وعدم الاغترار
قال حُمران بن أبان : أتيتُ عثمان بن عفان بِطَهور وهو جالس على المقاعد ، فتوضأ فأحسن الوضوء ، ثم قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وهو في هذا المجلس فأحسن الوضوء ، ثم قال : مَن توضأ مثل هذا الوضوء ، ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غُفِر له ما تقدم من ذنبه . قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تغتروا . رواه البخاري ومسلم .
🔸قال ابن القيم : كثير مِن الجهال اعتمَدوا على رحمة الله وعَفوه وكَرمه ، وضيّعوا أمْره ونَهيه ، ونَسُوا أنه شديد العقاب ، وأنه لا يُرَدّ بأسُه عن القوم المجرمين .
ومَن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعانِد .
🔹قال معروف : رجاؤك لِرحمة مَن لا تُطيعه مِن الخذلان والْحُمْق .
🔴وقال بعض العلماء : مَن قطع عُضوًا مِنك في الدنيا بِسرِقة ثلاثة دراهم ، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا .
وكان الحسن البصري يقول : إن قوما ألْهَتْهُم أماني المغفرة حتى خَرجُوا مِن الدنيا بغير توبة ، يقول أحدهم : لأني أحسن الظن بِرَبّي ، وكَذَب ، لو أحسن الظن لأحسن العمل .
-
اتّهام النّفْس عند السّلف بالتقصير مع كثرة عبادتهم وشِدّة حرصهم على الخير
قال الإمام الشَّافِعِيّ : دَخَلَ ابْنُ الْعَبَّاسِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَصْبَحْتُ وَقَدْ ضَيَّعْتُ مِنْ دِينِي كَثِيرًا ، وَأَصْلَحْتُ مِنْ دُنْيَايَ قَلِيلًا ؛ فَلَوْ كَانَ الَّذِي أَصْلَحْتُ هُوَ الَّذِي أَفْسَدْتُ ، وَالَّذِي أَفْسَدَتُ هُوَ الَّذِي أَصْلَحْتُ ؛ لَقَدْ فُزْتُ . وَلَوْ كَانَ يَنْفَعُنِي أَنْ أَطْلُبَ طَلَبْتُ ، وَلَوْ كَانَ يُنَجِّينِي أَنْ أَهْرُبَ هَرَبْتُ ، فَصِرْتُ كَالْمَجْنُونِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، لا أَرْتَقِي بِيَدَيْنِ ، وَلا أَهْبِطُ بِرَجُلَيْنِ ، فِعِظْنِي بِعِظَةٍ أَنْتَفِعُ بِهَا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هَيْهَاتَ صَارَ ابْنُ أَخِيكَ أَخَاكَ ، ولا يَشَاءُ أَنْ يَبْكِيَ إِلا بَكَيْتُ .
قَالَ : كَيْفَ يُؤْمَرُ بِرَحِيلِ مَنْ هُوَ مُقِيمٌ ؟
فَقَالَ : عَلَى جَنْيها مِنْ حِينِهَا ! ابْنِ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ تُقَنِّطُنِي مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، قَالَ : ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُقَنِّطُنِي مِنْ رَحْمَتِكَ ، فَخُذْ مِنِّي حَتَّى تَرْضَى .
قَالَ : هَيْهَاتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَأْخُذُ جَدِيدًا ، وَتُعْطِي خَلِقًا .
قَالَ : مَنْ لِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ! مَا أَرْسِلُ كَلِمَةً إِلاّ أَرْسَلْتَ نَقِيضَهَا . رواه أبو نعيم في " الحلية " .
-
اتّهام النّفْس عند السّلف
قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَدِمَ ابْنُ عِمَامَةَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَأَلْفَاهُ صَائِمًا ، وَقَدْ أَحْضَرَ إِخْوَانَهُ طَعَامًا ، وَصَلَّى صَلاةً فَأَتْقَنَهَا ، ثُمَّ أَتَى بِمَالٍ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهَذَا إِلَى فُلانٍ ، وَبِهَذَا إِلَى فُلانٍ ، حَتَّى فَرّقَهُ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عِمَامَةَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ صَلاةً أَحْكَمْتَهَا ، وَطَعَامًا أَطْعَمْتَهُ إِخْوَانَكَ ، وَأَتَاكَ مَالٌ أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِكَ ، فَقُلْتَ : اذْهَبُوا بِهَذَا إِلَى فُلانٍ ، وَبِهَذَا إِلَى فُلانَةٍ ، حَتَّى أَتَيْتَ عَلَيْهِ ، بِمَ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ عِمَامَةٍ فَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا مَعَ الدِّينِ أَخَذْنَاهَا وَإِيَّاهُ ، وَلَوْ كَانَتْ تَنْحَازُ عَنِ الْبَاطِلِ ، أَخَذْنَاهَا وَتَرَكْنَاهُ . فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَلَطْنَا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، عَسَى أَنْ يَرْحَمَنَا اللَّهُ . رواه أبو نعيم في " الحلية " .
" وَقَدْ أَحْضَرَ إِخْوَانَهُ طَعَامًا " هكذا في المطبوع ، والمعنى : وقد أحضَر لإخوانه طعاما . لأنه قال له : وَطَعَامًا أَطْعَمْتَهُ إِخْوَانَكَ .
وسبق :
هل تُشترَط صِحة الأسانيد في نقل قِصَصٍ عن الصحابة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15431
-
استنباط لطيف : أخلاق حَمَلَة القرآن
قال ابن كثير : وَقَوْلُهُ : (كِرَامٍ بَرَرَةٍ) أَيْ : خُلُقهم كَرِيمٌ حَسَنٌ شَرِيفٌ ، وَأَخْلاقُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ بَارَّةٌ طَاهِرَةٌ كَامِلَةٌ . وَمِنْ هَاهُنَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ عَلَى السَّدَادِ وَالرَّشَادِ .
-
مَن توكّل على الله فرّت منه الشياطين
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : إذا خرج الرجل من بيته فقال : باسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال : يُقال حينئذ : هظ°ديت وكُفِيت ووُقِيت . فتتنَحّى له الشياطين ، فيقول له شيطان آخر : كيف لك بِرَجُل قد هُدي وكُفِي ووُقِي ؟ رواه أبو داود والنسائي في " الكبرى " وصححه الألباني ، وحسّنه الأرنؤوط .
-
فضل التمسّك بالقرآن والعمل به
قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ ؛ هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلالَةِ ، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : (فَمَنَ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) . رواه ابن أبي شيبة .
وقال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا) قال : إِلاّ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .
قال عَبْد الْمَلِك بن عُمَيْرٍ : كَانَ يُقَالُ : إنَّ أَبْقَى النَّاسِ عُقُولاً قَرَأَةُ الْقُرْآنِ . رواه ابن أبي شيبة .
-
مَن يَطعن في العلماء الربانيين : مُتّهم في دِينه ؛ لأن العلماء هُم ورثة الأنبياء ، وهُم حملة الدّين
قال أسود بن سالم : كان ابن المبارك إمامًا يُقْتَدى به ، كان مِن أثبت الناس في السُّنّة ، إذا رأيت رجلا يَغمِز ابن المبارك بشيء فاتّهِمْه على الإسلام .
(تاريخ بغداد)
-
مَحبّة الصالحين طاعة واقتداء
قال الله بعد ذِكر الصالحين : (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) .
قال عَون بن عبد الله : حَدّثتُ عمر بن عبد العزيز : أنه كان يُقال : إن استطعت فكُن عالِمًا ، فإن لم تستطع فكُن مُتَعلّما ، وإن لم تستطع فأحِبّهم ، وإن لم تستطع فلا تبغضهم . فقال عمر بن عبد العزيز: لقد جعل الله عز وجل له مَخرَجا إن قَبِل .
وقال سفيان ابن عيينة : عند ذِكر الصالحين تنزّل الرحمة . رواه الإمام أحمد في " الزّهد " وأبو نعيم في " حِليَة الأولياء " .
وقال محمد بن يونس : ما رأيت للقلب أنفع مِن ذِكر الصالحين .
قال أحمد بن القاسم بن مساور : كُنّا عند يحيى بن معين ، وعنده مصعب الزُّبيري ، فَذَكَر رَجُل أحمدَ بن حنبل ، فأطراه وزاد ، فقال له رجل : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) ، فقال يحيى بن معين : وكان مَدح أبي عبد الله غُلُوّا ؟ ذِكْر أبي عبد الله مِن مجلس الذِّكْر . وصاح يحيى بِالرَّجُل . رواه أبو نعيم في " حِليَة الأولياء " .
-
كنْز خفيف الحمل .. في رُبْع دقيقة
قال شدّاد بن أوس رضي اللّه عنه : سمعت رسول الله ﷺ يقول :
إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هذه الكلمات :
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرّشد ، وأسألك مُوجِبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك مِن خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لمَا تعلم ، إنك أنت علاّم الغيوب . رواه ابن أبي شيبة والإمام أحمد والطبراني ومن طريقه : أبو نُعيم في حِلية الأولياء .
وصححه الألباني ، وحسّنه الأرنؤوط .
-
أعلى نعيم الجنة : رؤية الله تبارك وتعالى
في دعاء النبي صلى اله عليه وسلم : وأسألك لَذّة الـنَّظَر إلى وَجْهِك ، والشَّوق إلى لِقائك . رواه الإمام أحمد والنسائي . وصححه الألباني والأرنؤوط .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دَخل أهل الجنة الجنة - قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟
فيقولون : ألم تُبيّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة، وتُنجّنا من النار ؟
قال : فيَكشِف الحجاب ، فما أُعطُوا شيئا أحب إليهم مِن النظر إلى ربهم عزّ وجلّ . رواه مسلم .
https://www.facebook.com/images/emoj...5/16/1f539.png ما معنى " والشوق إلى لقائك " ، وهل هو مِن تمنّي الموت ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=138351
-
مخاطبة الله عزّ وجلّ لِعباده المؤمنين في الجنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة .
فيقولون : لبّيك ربنا وسَعديك ، والخير في يديك .
فيقول : هل رَضيتم ؟
فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدا مِن خلقك .
فيقول : ألا أُعطيكم أفضل مِن ذلك ؟
فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟
فيقول : أُحِلّ عليكم رِضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا . رواه البخاري ومسلم .
اللهم إنا نسألك رضاك والجَنة
-
مُحَاضَرة الرِّبّ تبارك وتعالى
قال ابن القيم : أفضل نعيم الآخرة وأجَلّه وأعلاه على الإطلاق : هو النّظر إلى وَجْه الرّب جَلّ جلاله ، وسماع خطابه .
وقال :
وإن سألتَ عن يوم المَزيد ، وزيارة العزيز الحميد ، ورؤية وَجهه الْمُنَزّه عن التمثيل والتشبيه ، كما تُرى الشمس في الظهيرة ، والقمر ليلة البدر ، كما تواتَر عن الصادق المصدوق النقل فيه ... فاستَمِع يوم يُنادِي المنادي : يا أهل الجنة أن ربكم تبارك وتعالى يَسْتَزِيركم ، فَحَيّ على زيارته .
فيقولون : سَمْعا وطاعة ، ويَنْهَضون إلى الزيارة مُبَادِرين ، فإذا بالنّجائب قد أُعِدّت لهم ، فيَستَوون على ظهورها مُسرعين حتى إذا انْتَهوا إلى الوادي الأفْيَح الذي جُعل لهم موعدا ، وجُمِعوا هناك فلم يُغادر الدّاعي منهم أحدا ؛ أمَر الرب تبارك وتعالى بِكُرْسِيّه فنُصِب هناك ثم نُصبت لهم منابر مِن نور ، ومنابر مِن لؤلؤ ، ومنابر مِن زبرجد ، ومنابر مِن ذهب ، ومنابر مِن فضة ، وجَلَس أدناهم - وحاشاهم إن يكون فيهم دنيء - على كُثبان الْمِسك ، وما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استَقَرّت بهم مجالسهم واطمَأنّت بهم أماكنهم ، نادى الْمُنَادِي : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يُريد أن يُنْجِزَكُمُوه ، فيقولون : ما هو ؟ ألَمْ يُبيّض وجوهنا ، ويُثقّل مَوازيننا ، ويُدخلنا الجنة ، ويزحزحنا عن النار ؟
فبينما هُم كذلك إذ سَطع لهم نُور أشْرَقت له الجنة ، فَرَفَعوا رؤوسهم فإذا الجبّار جَلّ جلاله وتقَدّست أسماؤه قد أشْرَف عليهم مِن فَوقهم ، وقال : يا أهل الجنة سلام عليكم ، فلا تُردّ هذه التحية بأحسَن مِن قولهم : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام . فَيَتَجَلّى لهم الرّبّ تبارك وتعالى يَضحَك إليهم ، ويقول : يا أهل الجنة - فيكون أول ما يسمعونه منه تعالى - أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني ؟ فهذا يَوم الْمَزِيد .
فيَجتَمِعون على كلمة واحدة : أن قد رَضينا فأرْضَ عنّا .
فيقول : يا أهل الجنة إني لو لم أرْضَ عنكم لم أُسْكِنكم جَنّتي ، هذا يوم المزيد فاسْألُوني .
فيَجتَمِعون على كلمة واحدة : أرِنا وَجهك نَنظُر إليه ، فيَكشِف لهم الرّب جلّ جلاله الْحُجُب ويَتَجَلّى لهم فيَغشَاهم مِن نُوره ما لَولا أن الله تعالى قَضى أن لا يَحْتَرِقوا لاحْتَرَقوا .
ولا يَبقى في ذلك المجلس أحدٌ إلاّ حَاضَرَه ربّه تعالى مُحاَضرة ، حتى أنه ليَقول : يا فلان أتذكُر يوم فعلتَ كذا وكذا ؟ يُذكّره ببعض غَدَراته في الدنيا ! فيقول : يا رب ، ألَمْ تَغفِر لي ؟ فيقول : بلى ، بِمَغفِرتي بَلَغت مَنْزِلتك هذه .
https://www.facebook.com/images/emoj...1/16/1f538.pngفيَا لذّة الأسماع بِتلك المحاضَرة .
ويا قُرّة عيون الأبرار بالنّظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة .
ويا ذلّة الراجعين بالصفقة الخاسرة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) .
فَحَيّ على جَنّات عَدن فإنها ... منازلك الأُولى وفيها الْمُخَيّمُ
ولكِنّنا سَبْي العدوّ ، فهل ترى ... نَعود إلى أوطاننا ونُسلّمُ
(حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) .
ما معنى محاضرة ؟
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي :
" إِلَّا حَاضَرَهُ اللَّهُ مُحَاضَرَةً " قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْكَلِمَتَانِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ : كَشْفُ الْحِجَابِ وَالْمُقَاوَلَةُ مَعَ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ حِجَابٍ وَلَا تُرْجُمَانٍ ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ " ... الْحَدِيثَ .
وَالْمَعْنَى خَاطَبَهُ اللَّهُ مُخَاطَبَةً وَحَاوَرَهُ مُحَاوَرَةً .
-
تحقيق الإيمان : بالتسليم لله عزّ وَجَلّ ولرسوله صلى الله عليه وسلم
قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه : آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية : فيجب أن يُفهَم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مُراده مِن غير غُلوّ ولا تقصير ، فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان ، فكم حَصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يَعلمه إلاّ الله ، بل سُوء الفَهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام ، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد . والله المستعان . اهـ .
-
وَرَعٌ واحتياط
قال الفضيل بن عياض وهو يحكي عن ابنِه عليّ : كانت لنا شاة بالكوفة ، أكَلَتْ شيئا يسيرا مِن عَلَف أمير ، فما شَرِب لها لَبنًا بعد .
(سِيَر أعلام النبلاء)
-
الآلام طبيعة هذه الحياة
قال ابن القيم :
مَن آمَن بالرّسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه ، فابْتُلي بما يُؤلمه .
وإن لم يؤمن بهم ولم يُطعهم عُوقب في الدنيا والآخرة ، فحصَل له ما يُؤلمه ، وكان هذا المؤلِم له أعظم ألَمًا وأدوم مِن ألَم اتباعهم .
فلا بُدّ مِن حصول الألم لكل نفس آمنت أو رَغِبت عن الإيمان ، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء ، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة ، والمُعْرِض عن الإيمان تحصل له اللذة ابتداء ، ثم يصير إلى الألم الدائم ...
فلا يظن أحد أنه يَخلُص مِن الألم البتّة .
وإنما يَتفاوت أهل الآلام في العقول ؛ فأعقلهم مَن بَاعَ ألمًا مستمرا عظيما بألَمٍ منقطع يسير ، وأشقاهم مَن باعَ الألَم المنقطع اليسير بالألم العظيم المستمر .