-
مِن تَربِية القُرآن (2) :
العَدل مع اليهود
قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا)
🔘 قال ابن جرير : هذا الْخَبَر مِن الله عَزّ وَجَلّ أنّ مِن أهل الكتاب - وهُم اليهود مِن بَنِي إسرائيل - أهلَ أمانة يُؤدّونها ولا يَخُونُونها ، ومِنهم الخائن أمَانَته ، الفَاجِر في يَمِينه ...
فتَأويل الكَلام : ومِن أهل الكتاب الذي إنْ تأمَنه يا محمد على عظيمٍ مِن المال كثيرٍ يُؤدّه إليك ، ولا يَخُنْك فيه ، ومِنهم الذي إن تأمَنه على دينار يَخُنْك فيه ، فلا يُؤدّه إليك إلاّ أن تُلِحّ عليه بِالتّقَاضِي والْمُطَالَبة .
(جامع البيان عن تأويل آي القرآن : تفسير الطبري)
🔵 وقال البغوي عن هذه الآيَة : نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ : أخْبَرَ اللَّه تَعَالى أنّ فِيهِم أمَانَةً وَخِيَانَةً .
وَالْقِنْطَارُ عِبَارَةٌ عَن الْمَال الْكَثِير ، وَالدِّينَار عِبَارَةٌ عَن الْمَال الْقَلِيل .
يَقُول : مِنْهُم مَن يُؤَدِّي الأَمَانَةَ وَإنْ كَثُرَت ، وَمِنْهُم مَن لا يُؤَدِّيهَا وَإِنْ قَلَّتْ .
(معالِم التّنْزِيل : تفسير البغوي)
-
مِن تَربِية القُرآن (3) :
إنصاف النّفْس ، والإنصاف مِن النّفْس
💎قال الله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)
🔶 قال ابن عَطِيّة : شهادة الْمَرْء على نَفْسِه : إقْرَاره بِالْحَقائق ، وقَوْله الْحَقّ في كُلّ أمْر ، وقِيامه بِالقِسط عليها كذلك .
(الْمُحرّر الوَجِيز)
💎 وفي وَصَايا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ رضي الله عنه : أنْ أقُول بِالْحَقّ وَإنْ كَانَ مُرًّا . رواه الإمام أحمد .
🔻والإنصاف مِن أدَب النّفُوس الكبيرة
💎 قَالَ عَمّار بن ياسر رضي الله عنه : ثَلاَثٌ مَن جَمَعَهُنّ فَقَد جَمَعَ الإِيمَان : الإِنْصَافُ مِن نَفْسِك ، وَبَذْلُ السَّلاَم لِلْعَالَم ، وَالإِنْفَاقُ مِن الإِقْتَار . رواه البخاري تعليقا ، ووَصَلَه ابن أبي شيبة .
🔵 قال ابن القيم : وَقَدْ تَضَمّنَتْ هَذِه الْكَلِمَات أُصُولَ الْخَيْر وَفُرُوعَه ، فَإنّ الإِنْصَافَ يُوجِب عَلَيه أَدَاءَ حُقُوقِ اللّه كَامِلَةً مُوَفّرَةً ، وَأَدَاء حُقُوقِ النّاس كَذَلِك ، وَأن لا يُطَالِبَهُم بِمَا لَيس لَه ، وَلا يُحَمّلَهُم فَوْق وُسْعِهِم ، وَيُعَامِلَهُم بِمَا يُحِبّ أن يُعَامِلُوهُ بِه ، وَيُعْفِيَهُم مِمّا يُحِبّ أَنْ يُعْفُوهُ مِنه ، وَيَحْكُم لَهُم وَعَلَيْهِم بِمَا يَحْكُم بِه لِنَفْسِه وَعَلَيْهَا .
وَيَدْخُلُ فِي هَذا : إنْصَافُه نَفْسَه مِن نَفْسِه ؛ فَلا يَدَّعِي لَهَا مَا لَيْس لَهَا ، وَلا يُخْبِثُهَا بِتَدْنِيسِهِ لَه ، وَتَصْغِيرِهِ إِيَّاهَا ، وَتَحْقِيرِهَا بِمَعَاصِي اللَّهِ . وَيُنَمِّيهَا وَيُكَبِّرُهَا وَيَرْفَعُهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَحُبِّهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْه وَالإِنَابَة إِلَيه وَإيثَار مَرْضَاتِهِ وَمَحَابِّه عَلى مَرَاضِي الْخَلْق وَمَحَابِّهِم ...
والْمَقْصُود : أنّ إنْصَافَه مِن نَفْسِه يُوجِبُ عَلَيه مَعْرِفَةَ رَبِّه ، وَحَقَّهُ عَلَيه ، وَمَعْرِفَةَ نَفْسِه ، وَمَا خُلِقَتْ لَه ، وَأنْ لا يُزَاحِمَ بِهَا مَالِكَهَا وَفَاطِرَهَا ، وَيَدَّعِي لَهَا الْمَلَكَة وَالاسْتِحْقَاق .
(زاد المعاد)
🖋 أقرب للتقوى
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13165
-
مِن تَربِية القُرآن (4) :
تَربّى الصحابة رضي الله عنهم على العَدل والإنصاف : رِجالاً ونِساءً
🔶 قال عَمرو بن العاص رضي الله عنه عن النصارى : إنَّهُم لأحْلَمُ النَّاس عِنْدَ فِتْنَة ، وَأَجْبَرُ النَّاس عِنْد مُصِيبَة ، وَخَيْرُ النَّاس لِمَسَاكِينِهِم وَضُعَفَائِهِم . رواه مسلم .
⚪️ وقالت عائشة رضي الله عنها عن جارَتِها وضَرّتِها " سَوْدَة " رضي الله عنها : ما رَأيتُ امْرأة أحبَّ إليّ أن أكُون في مِسْلاخِها مِن سَوْدة بنتِ زَمْعَة ، مِن امْرأة فيها حِدّة . رواه مسلم .
💎 وقولها رضي الله عنها - في شأن مَيمُونة رضي الله عنها - : ذَهَبَتْ والله ميمونة ؛ أما أنها كانت مِن أتْقَانا لله ، وأوْصَلِنا للرَّحِم . رواه ابن سعد في " الطّبقات الكبرى " والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ، وأبو نُعيم في " حِلْية الأولياء " ، وصححه الحافظ ابن حجر في " الإصابة " .
🔷 وقالت عائشة رضي الله عنها عن جارَتِها وضَرّتِها زَيْنَب بِنْت جَحْش رضي الله عنها : وَهِي الّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنّ فِي الْمَنْزِلَة عِنْد رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَم أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِن زَيْنَب ، وَأَتْقَى لِلَّه ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا ، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِم ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً ، وَأَشَدَّ ابْتِذَالاً لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَل الّذي تَصَدَّقُ بِهِ ، وَتَقَرّبُ بِه إلى الله تَعَالى ، مَا عَدَا سَوْرَةً مِن حِدَّةٍ كَانَت فِيهَا ، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَة . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ لِمُسلِم .
قال ابن حَجَر : وَفِيه : ثَنَاء عَائِشَة عَلَيْها بِالصَّدَقَة ، وَذِكْرُهَا لَها بِالْحِدَّة الّتي تُسْرِع مِنْها الرَّجْعَة .
(فتح الباري)
🔵 ورَوى البخاري ومسلم مِن طريق هشام بن عروة عن أبيه قال : ذَهَبتُ أسُبُّ حسّان عند عائشة - وكان مِمّن كَثَّر عليها - فقالتْ : لا تسُبّه ، فإنه كان يُنافِح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
✅ هذه تَرْبِيَة القرآن ، وتِلك أخلاق الكِبار رجالا ونساء
-
مِن تَربِية القُرآن (5) :
🌷 اتّصاف الأخيار بِالعَدل والإنصاف حتى وإن اختَصَمُوا ، أو اقتَتَلُوا !!
⭐️ سئل عليّ رضي الله عنه عن أهل الْجَمَل . قيل : أمُشْرِكُون هُم ؟
قال : مِن الشِّرك فَرّوا .
قيل : أمُنَافِقُون هُم ؟
قال : إن المنافقين لا يَذكُرُون الله إلاّ قليلا .
قيل : فما هُم ؟
قال : إخواننا بَغَوْا علينا . رواه ابن أبي شيبة والبيهقي .
وذَكَر البغوي في " شرح السّنّة " أن عليًّا سُئل عن أهل النّهْرَوَان ، أمُشْرِكُون هُم ؟ فَذَكَرَه ...
🔵 وعليّ رضي الله عنه هو القائل : أني لأرجُو أن أكُون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عزّ وَجَلّ : (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) رواه وابن أبي شيبة والحاكم وصححه ، ورواه البيهقي .
⚪️ وقال عمّار بن ياسر رضي الله عنه في حَقّ عائشة رضي الله عنها : والله إنها لَزَوْجَة نَبِيّكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة . رواه البخاري .
🔴 ورَأى عمّارٌ يوم الْجَمَل جَمَاعة ، فقال : ما هذا ؟
فقالوا : رَجُل يَسبّ عائشة ، ويَقَع فيها . فمَشَى إليه عمّار ، فقال : اسكُت مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا ! اتَقَع في حَبِيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إنها لَزَوْجَته في الْجَنّة . رواه الإمام أحمد في " فضائل الصحابة " .
⚫️ وفي رواية : أنّ رَجُلاً نَالَ مِن عَائِشَة عِنْد عَمَّار بن يَاسِر ، فقال : أَغْرِبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا ، أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ؟ رَواه الترمذي .
🔶 وقالتْ عائشة رضي الله عنها في عليّ رضي الله عنه قَوْلَة حَقّ ، واعتَرَفَتْ بِفَضْلِه وعِلْمِه :
قال شُريح بن هانئ : أتيتُ عائشة أسألُها عن المسح على الْخُفّين ، فقالتْ : عليكَ بِابنِ أبي طالب فَسَلْه ؛ فإنه كان يسافِر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم .
💍 ومِن ذلك : قَوْل زَوجةِ ثابِتِ بنِ قَيْس عن زَوجِها وقد أبْغَضَته ، وأرَادَتْ فِرَاقَه : يا رسولَ الله ، ثابتُ بن قَيْس ، ما أعْتِب عليه في خُلُق ولا دِين ، ولكني أكْرَه الكُفر في الإسلام . رواه البخاري .
▪️ قال القسطلاّني : أي : لا أُريد فِرَاقه لِسُوء خُلُقِه ، ولا لِنُقْصَان دِينِه ، " ولكني أكْرَه الكُفْر في الإسلام " أي : إن أقَمْتُ عِنده ربما أقَع فيما يَقْتَضِي الكُفْر ، لا أنه يَحْمِلها عليه .
(هدي الساري)
▪️ وقال ابن حَجَر : ويُحتَمل أن تُريد بِالكُفر كُفْران العشير ، إذْ هو تقصير المرأة في حق الزوج .
وقال الطيبي : الْمَعْنى : أخاف على نفسي في الإسلام ما يُنَافِي حُكْمَه مِن نُشُوز وفَرْك وغيره ، مما يُتَوقّع مِن الشابّة الْجَمِيلة الْمُبْغِضَة لِزَوجها إذا كان بِالضّدّ منها ؛ فأطْلَقَتْ على ما يُنَافِي مُقْتَضَى الإسلام : الكُفْر .
(فتح الباري)
-
مِن تَربِية القُرآن (6) :
حِفْظ حُقُوق الْخَلْق : مُسلِمِهم وكاِفِرهم
بُعِث نَبِيّ مِن الأنبياء إلى قَومِه لِيقُول لهم فيمَا يَدعُوهم : (أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)
💎 وفي تَرِبية القُرآن : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
🔴 وفي الوَعِيد : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)
والتّطفِيف في كُلّ شيء !
🔶 روى الإمام مَالِك عَن يَحْيَى بن سَعِيد أنّ عُمَر بن الْخَطَّاب رضي الله عنه انْصَرَفَ مِن صَلاَة الْعَصْر ، فَلَقِيَ رَجُلاً لَم يَشْهَد الْعَصْر ، فقال له عُمر : مَا حَبَسَك عَن صَلاَة الْعَصْر ؟ فَذَكَرَ لَهُ عُذْرًا ، فَقال عُمَرُ رضي الله عنه : طَفَّفْتَ .
قال الإمام مَالِك : وَقد يُقَال لِكُلّ شيء : وَفَاءٌ وَتَطْفِيف .
🔷 وروى عبدُ الرزاق وابنُ أبي شيبة أن سَلْمَان رضي الله عنه قال : الصَّلاة مِكْيَال ، مَن أَوْفَى أُوفِيَ بِه ، وَمَن طَفَّفَ فَقَد عَلِمْتُم مَا لِلْمُطَفِّفِين .
💎 ووَفَى أوْفَى الْخَلْق وأصدَق الْخَلْق وأبَرّ الْخَلْق للمُشرِكِين الْمُعانِدين الْمُحارِبين !
🎯 قال حذيفة رضي الله عنه : مَا مَنَعَنِي أن أَشْهَد بَدْرًا إلاّ أنّي خَرَجْتُ أنا وَأبِي حُسَيْل ، قال : فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْش ، قَالُوا : إنّكُم تُرِيدُون مُحَمَّدًا ، فَقُلَْنا : مَا نُرِيدُه ، مَا نُرِيد إلاّ الْمَدِينَة ، فَأَخَذُوا مِنّا عَهْدَ الله وَمِيثَاقَه لَنَنْصَرِفَنّ إلى الْمَدِينَة ، وَلا نُقَاتِل مَعَه ، فَأَتَيْنا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخْبَرْنَاه الْخَبَر ، فقال : انْصَرِفَا ، نَفِي لَهُم بِعَهْدِهِم ، وَنَسْتَعِين اللهَ عَلَيْهِم . رواه مسلم .
-
مِن تَربِية القُرآن (7) :
الأدب والتّأدّب مع الله تبارك وتعالى في الألفاظ
🔵 مِن أدب الأنبياء أنهم لا يَنسِبُون الشرّ إلى الله عَزّ وَجَلّ .
💎 قال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام : (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ، فَلَم يَنسب الْمَرَض إلى الله تبارك وتعالى ، وإنما نَسَب الشّفَاء إلى الله سبحانه وتعالى .
💎 وقال نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) .
فَنَسَب الضّلال إلى نفسِه - إن ضَلّ - ، والهداية إلى الله ؛ تأدّبا مع الله .
💎 وفي صحيح السّنّة : لبَّيْك وسَعدَيْك ، والخيرُ كُلّه في يَدَيْك ، والشرّ ليسَ إلَيْك . رواه مسلم .
💎 وفي أدَب سورة الفاتحة : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)
قال ابن كثير : أَسْنَد الإِنْعَامَ إلى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالى ، وَالْغَضَبَ حُذِف فَاعِلُه أَدَبًا ، وَأُسْنِدَ الضَّلال إلى الْعَبِيد .
(تفسير القرآن العظيم)
💎 وفي أدَب الْجِنّ : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) .
قال ابن كثير : وَهَذا مِن أدَبِهِم فِي الْعِبَارَة ؛ حَيْث أَسْنَدُوا الشَّرَّ إلى غَيْر فَاعِل ، وَالْخَيْرَ أَضَافُوه إلى اللَّه عزّ وجَلّ .
(تفسير القرآن العظيم)
💎 وفي تأدِيب المؤمِنين : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)
🔵 كان الْحَسَن البصري رحمه الله يقول : ما أصَابَك مِن نِعْمَة فمِن الله ، (وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) يقُول : مُصِيْبَة ، (فَمِنْ نَفْسِكَ) ، يقول : بِذَنْبِك . رواه عبد الرزاق في " تفسِيره " .
✅ ومِن الأدب مع الله : أن يُعظّم اسْمُه ؛ فلا يُذكَر عند ذِكْر ما يُستَقبَح
🔶 قال مُطرِّف بن عبد الله : ليَعظُم جلالُ الله أن تذكُروه عند الْحِمَار والكَلْب ، فيقول أحَدُكم لِكَلْبِه أو لِشاتِه : أخْزَاك الله ، وفَعَلَ الله بِك . رواه ابن المبارك في " الزهد " وابن أبي شيبة وأبو نُعيم في " حِلْيَة الأولياء " .
🔻 ومثله : قَوْل : الله يَقْرِفك .. الله يَكْنِسْك .. الله يَرجّك ..
💡 ماذا يقصدون بِسوء الأدب مع الله في الدعاء ؟ وكيف يَعرف المسلم حدود الأدب في الدعاء ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15508
🕯 ما حُكم قول : (الله يظلمك) وَ ( الله يقرفك) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9978
-
مِن تَربِية القُرآن (8) :
أن تُعَامِل الناس بِأخْلاق الإسلام ، وليس بِأخْلاقِهم
💎قال الله تبارك وتعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
📌 قال عَبْد اللَّه بن الزُّبَيْر رضي الله عنهما : أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم أن يَأْخُذَ العَفْوَ مِن أَخْلاَق النَّاس . رواه البخاري تعليقا ، وَوَصَله أبو داود .
📚 وقال رضي الله عنه : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) : مَا أَنْزَل اللَّه هذِه الآيَة إلاّ فِي أخْلاَق النَّاس . رواه البخاري .
💡 وقال قَتَادة : أَخْلاقٌ أَمَرَ اللَّهُ بِها نَبِيّه صلى الله عليه وسلم ، وَدَلَّه عَلَيْها . رواه ابن جرير في " تفسيره " .
⭐️ وقال ابن الجوزي : اقْبَل الْمَيْسُور مِن أخْلاق الناس ، ولا تَسْتَقْصِ عليهم فتَظْهَر مِنْهم البَغْضَاء .
(زاد المسير)
🔶 وبِهَذا تَخَلّق الصحابة الكِرَام رضي الله عنهم
💎 قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْن فَنَزَلَ عَلى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَان مِن النَّفَر الّذِين يُدْنِيهِم عُمَر ، وَكَان القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَر وَمُشَاوَرَتِه ، كُهُولا كَانُوا أَوْ شُبّانًا ، فقال عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخِيه : يَا ابْن أَخِي ، هَل لَك وَجْه عِنْد هَذا الأَمِير ، فَاسْتَأْذِن لِي عَلَيه ، قال : سَأَسْتَأْذِنُ لَك عَلَيْه ،. قال ابْنُ عَبَّاسٍ : فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَة ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَر ، فَلَمّا دَخَل عَلَيه قال : هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّاب ، فَوَاللَّه مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ ، وَلا تَحْكُم بَيْنَنَا بِالعَدْل ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتّى هَمّ أَن يُوقِعَ بِه ، فقال لَهُ الْحُرُّ : يَا أَمِير المُؤْمِنِين ، إنّ اللَّهَ تَعَالَى قال لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) ، وَإنّ هَذا مِن الجَاهِلِين . وَاللَّه مَا جَاوَزَها عُمَرُ حِين تَلاها عَلَيه ، وَكَان وَقَّافًا عِنْد كِتَاب اللَّه . رواه البخاري .
🔴 يقول بعض الأدباء : الناس فِيهم الكَاذِب والغَشّاش والْخَائن والْمُخَادِع ؛ فلو أنّك عَامَلْتَ كُلّ انْسَان بِمَا فيه مِن صِفَتِه ؛ لاجْتَمَع فِيكَ مَا تَفَرّق فِيهِم !!
🖋 كيف أعفو عن من ظلمني ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10051
🖌 هل عفوي عمّن ظلمني سبب لتفريج همومي ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10956
-
مِن تَربِية القُرآن (9) :
التّخَلّق بِأخلاق أهْلِ القُرآن ، وبِما أُمِر به في القُرآن
وقد أمَرَنا الله عزّ وجَلّ أن نكون مِن الصادقين ومع الصادقين
💎 قال الله عزّ وجَلّ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
💎 وقال تبارك وتعالى في الثناء على الصادِقِين : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) إلى قَولِه : (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ)
🕯 قال ابن كثير : أي : بِصَبْرِهِمْ عَلى مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيه ، وَقِيَامِهِم بِه ، وَمُحَافَظَتِهم عَلَيه .
(تفسير القرآن العظيم)
💎 وقال سبحانه وتعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
وفي الثناء على المؤمنين : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ) إلى قَولِه : (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
✅ قال إياس بن معاوية : امْتَحَنْتُ خِصَال الرّجَال ، فَوَجَدت أشْرَفها صِدْق اللسَان ، ومَن عُدِم فَضِيلة الصدق ؛ فقد فُجِع بِأكْرَم أخلاقِه . رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " .
🔴 وضِدّ الصّدق : الكذب ، وهو أبغَض الأخلاق إلى صاحِب الْخُلُق العظيم
💎 قالت عائشة رضي الله عنها : ما كان خُلُق أبغَض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الكَذِب ، ولقد كان الرّجُل يُحدّث عند النبي صلى الله عليه وسلم بِالكِذْبة ، فمَا يَزال في نفسِه عَلَيه حتى يَعلَم أنه قد أحدَث منها تَوْبَة . رواه عبد الرزاق ، ومِن طَرِيقه : الإمام أحمد ، والترمذي وحسّنه ، وابن حِبّان ، وَصحّحه الألباني والأرنؤوط .
اللهم اجعلنا مِن الصادقين ووفّقنا أن نكون مع الصادقين
-
مِن تَربِية القُرآن (10) :
الوفاء لِغير وَفِيّ
💎 فقد أمَر الله تبارك وتعالى بأداء الأمانة على كلّ حال ، وأثنَى الله تعالى على الذين يُؤدّون أمَانَاتهم
قال الله عزّ وجَلّ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)
📚 قال ابن كثير : وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الأَمَانَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الإِنْسَان : مِن حُقُوق اللَّه عَزّ وَجَلّ عَلَى عِبَادِه ؛ مِن الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَات ، وَالْكَفَّارَات وَالنُّذُور وَالصِّيَام ، وَغَيْر ذَلِك ، مِمَّا هُوَ مُؤْتَمَن عَلَيه لا يَطَّلِع عَلَيه الْعِبَاد ، وَمِن حُقُوق الْعِبَاد بَعْضِهِم عَلَى بَعْض ؛ كَالْوَدَائِع وَغَيْر ذَلِك مِمَّا يَأْتَمِنُونَ بِهِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض مِن غَير اطِّلاعِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ . فَأَمَرَ اللَّه عَزّ وَجَلّ بِأَدَائِهَا ؛ فَمَن لَم يَفْعَل ذَلِك فِي الدُّنْيَا أُخِذ مِنْه ذَلِك يَوْمَ الْقِيَامَة .
(تفسير القرآن العظيم)
💎 وقال سبحانه وتعالى في الثناء على الذين يُؤدّون أمَانَاتهم : (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) .
💎 والأمانة حِمْل ثَقِيل : (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً)
🔵 وفي الحديث : أدِّ الأَمَانَة إلى مَن ائْتَمَنَك ، وَلا تَخُن مَن خَانَك . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وصححه الألباني ، وحسّنه الأرنؤوط .
🖋 خان فـ هَـان
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=34640
🖌 هل يُعد رفض السماوات والأرض والجبال حمل الأمانة عصيان ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=13173
-
مِن تَربِية القُرآن (11) :
أن الْمعَالِي لا تُنال بِالأماني
وأن طَلَب الْجَنّة لا يَتِمّ إلاّ بِعُلوّ هِمّة
💎 قال الله عزّ وجَلّ : (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)
💎 وقال تبارك وتعالى : (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
💎 وقال سبحانه وتعالى : (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)
💎وعَلّق النبيُّ صلى الله عليه وسلم هِمَم أصحابه وأُمّته بِأعلَى المَنَازِل ، فقال : إذا سَأَلْتُم اللَّه فَسَلُوه الفِرْدَوْس ، فَإنّه أَوْسَط الجَنَّة ، وَأعْلَى الجَنَّة ، وَفَوْقَه عَرْشُ الرَّحْمَن ، وَمِنه تَفَجَّر أَنْهَارُ الجَنَّة . رواه البخاري .
وفي تَعزِيتِه صلى الله عليه وسلم لأمّ حَارِثَة بن سُرَاقَة رضي الله عنه وعنها : يَا أُمّ حَارِثَة إنّها جِنَانٌ فِي الجَنَّة ، وَإنّ ابْنَك أصَاب الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى . رواه البخاري .
🔶 قال إبراهيم الحربي : أجْمَع عُقلاء كُلّ أُمّة أن النّعيم لا يُدْرَك بِالنّعيم ، ومَن آثر الرّاحة فاتَتْه الرّاحة .
(مفتاح دار السعادة ، لابن القيم)
📚 قال ابن القيم : كَمَال كُلّ إنسان إنما يَتِمّ بِهَذَيْن : هِمّة تُرَقّيه ، وعِلْم يُبَصّره ويَهْدِيه . فإن مَرَاتِب السعادة والفَلاح إنما تَفُوت العَبْد مِن هَاتَيْن الْجِهَتَيْن أو مِن إحْدَاهُما :
إما أن لا يكون له عِلْم بها ؛ فلا يَتَحَرّك في طَلَبها ، أو يكون عَالِمًا بِها ولا تَنْهَض هِمّته إليها ، فلا يَزَال في حَضِيض طَبْعه مَحْبُوسًا ، وقَلْبه عن كَمَاله الذي خُلِق له مَصْدُودا مَنْكُوسًا .
(مفتاح دار السعادة)
يُريد تَرْك المعصية ، ولكنه لم يستطع
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=76821
-
عالي الْهِمّة لا يَرضى بِما دون القِمّة
قال ابن القيم : وَإذا أَرَدْتَ أنْ تَعْرِف مَرَاتِبَ الْهِمَمِ ، فَانْظُر إلى هِمَّةِ رَبِيعَةَ بن كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه وَقَد قَال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : سَلْنِي ، فَقال : أَسْأَلُك مُرَافَقَتَك فِي الْجَنَّة .
وَكَانَ غَيْرُهُ يَسْأَلُهُ مَا يَمْلأُ بَطْنَه ، أو يُوَارِي جِلْدَه .
وَانْظُر إلَى هِمَّة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ عُرِضَت عَلَيه مَفَاتِيح كُنُوز الأَرْضِ – فَأَبَاهَا .
وَمَعْلُومٌ أنّه لَو أَخَذَهَا لأَنْفَقَها فِي طَاعَة رَبّه تَعَالى . فَأَبَتْ لَه تِلْك الْهِمَّة الْعَالِيَة : أنْ يَتَعَلَّقَ مِنْها بِشَيء مِمّا سِوَى اللَّهِ وَمَحَابِّه .
وَعُرِضَ عَلَيه أنْ يَتَصَرَّفَ بِالْمُلْك ، فَأَبَاهُ . وَاخْتَارَ التَّصَرُّف بِالْعُبُودِيَّة الْمَحْضَة .
*فَلا إلَه إلاّ اللَّه ، خَالِقُ هَذِه الْهِمَّة ، وَخَالِق نَفْسٍ تَحْمِلُها ، وَخَالِق هِمَمٍ لا تَعْدُو هِمَم أَخَسّ الْحَيَوَانَات* .
(مدارج السالكين)
-
مِن تَربِية القُرآن (12) :
أن غاية وُجود الْخَلْق : العِبادة
قال الله عزّ وجَلّ : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)
🔵 وقد فَهِم الأنبياء والصالِحون أنّهم إنّما وُجِدوا للعِبادة ، فاجتَهدُوا في عِمَارة أوْقَاتهم بِالطّاعة
💎 فَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم قام مِن الليل حتى تَورّمَتْ قَدَماه ، كما في الصحيحين .
💎 وكان يُصلّي النافِلة على راحِلَته في السّفَر ، وكذلك كان أصحابه ، كما في الصحيحين أيضا .
📙 وفي خُطبة أبي بَكْر الصّدّيق رضي الله عنه : إنّمَا خَلَقَكُم لِعِبَادَتِه ، وَوَكَّل بِكُم كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُون مَا تَفْعَلُون . رواه هنّاد في " الزهد " والحاكم وصححه .
📗 وفي صِفَة عثمان رضي الله عنه :
ضَحّوا بِأشْمَط عُنْوان السّجُود بِه *** يُقَطّع الليل تَسْبِيحًا وقُرْآنا
☑️ قِيل لِنَافِع : مَا كَان يَصْنَعُ ابْنُ عُمَرَ فِي مَنْزِلِه ؟ قال : لا تُطِيقُونَه : الْوُضُوء لِكُلّ صَلاةٍ , وَالْمُصْحَف فِيمَا بَيْنَهُما . رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " .
🔸 ورَوَى نَافِع أنّ ابنَ عُمَر كَان يُحْيِي اللَّيْل صَلاةً ، ثُمّ يَقُول : يَا نَافِع أَسْحَرْنا ؟ فَيَقُول : لا . فَيُعَاوِدُ الصَّلاة ، فَإذا قُلْتُ : نَعَم ، قَعَد يَسْتَغْفِر وَيَدْعُو حَتَّى يُصْبِح . رواه ابن جرير في " تفسيره " وابن أبي حاتِم في " تفسيره " والطبراني وأبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
🔹 وقال ابن سِيرِين : كَان ابن عُمَر كُلَّما اسْتَيْقَظ مِن اللَّيْلِ صَلَّى . رواه ابن أبي شيبة وأبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
💎 ولَمّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عُمر : نِعْم الرَّجُل عَبْدُ اللَّه ، لَو كَان يُصَلِّي مِن اللَّيْل .
قال سَالِم بن عبد الله بن عمر : فَكَان بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِن اللَّيْل إلاّ قَلِيلا . رواه البخاري ومسلم .
🔵 وقال عَبد الرّحمن بن يَزِيد بن جَابِر : كُنّا نُغَازِي مَع عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ ، فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً ، فَإذا ذَهَب مِن اللَّيْلِ ثُلُثُه أوْ نِصْفُهُ نَادَانا وَهو فِي فُسْطَاطِه يُسْمِعُنا : يَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن يَزِيدَ بن جَابِر ، وَيَا يَزِيد بن يَزِيدَ ، وَيَا هِشَام بن الْغَاز ، وَيَا فُلان ، وَيَا فُلان ، قُومُوا وَتَوَضَّئُوا وَصَلُّوا ، فَإنّ قِيَامَ هَذا اللَّيْل ، وَصِيَام هَذا النَّهَار ، أَيْسَر مِن شَرَاب الصَّدِيد ، وَمُقَطِّعَات الْحَدِيد ، الْوَحَا الْوَحَا ، النَّجَا النَّجَا ، ثُمَّ يُقْبِل عَلى صَلاتِه . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " والبيهقي في " شُعب الإيمان " .
قال ابن الأثير : الوَحَا الْوَحَا ، أَي : السُّرْعَةَ السُّرْعَة .
(النهاية في غريب الحديث)
🔘 مرّ شُريح بِقَومٍ وَهُم يَلعَبون ، فقال : مالَكُم ؟ قالوا : فَرَغنا يا أبا أمامة .
قال : ما بِهَذا أُمِرَ الفارِغ . رواه الإمام أحمد في " الزهد " وأبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
⚫️ قال ابن الجوزي :
يَا شدَّة الوَجَل عِنْد حُضُور الأَجَل .
يَا حسرة الْفَوْت عِنْد حُضُور الْمَوْت .
يَا خَجْلَة العَاصِين .
يَا أَسَفَ الْمُقَصِّرِين .
يَا حَسْرة العاصِينَ يَوْم مَعَادهم *** وَلَو أنّهم سِيقُوا إلَى الجناتِ
لَو لم يَكُن إلاّ الْحيَاء مِن الَّذِي *** سَتَر الذُّنُوب لأكْثَرُوا الْحَسَرَاتِ
(كتاب الْمُدهِش)
✅ الآداب مع جَنَاب الوَهَاب
https://www.saaid.net/Doat/assuhaim/327.htm
📚 الْحَيِيّ الْجَوَاد الكَريم الشهيد : ذو النورين رضي الله عنه
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16505
📕 سيرة الإمام الزاهد مُعتزِل الفتن
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6111
⏱ محاضرة قصيرة بعنوان : ساعات ودروس الأُنس
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=21891
-
مِن تَربِية القُرآن (13) :
إحسَان الظنّ بالله عزّ وجَلّ ، وقُوّة اليقين ، خاصّة عند الشدائد
💎 قال الله تبارك وتعالى : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
🔹 قال ابن عبد البر : مَا قَدْ خُطّ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ لَم يَكُن مِنْه بُدٌّ ، وَلَيْسَت الْبِقَاعُ وَلا الأَنْفُسُ بِصَانِعَة شَيْئًا مِن ذَلِك .
(التمهيد)
💎 وقال عزّ وجَلّ : (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
💎 قال جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبْل مَوْتِه بِثَلاثَة أيّام ، يَقُول : لا يَمُوتَنّ أحَدُكُم إلاّ وَهو يُحْسِنُ الظَّنّ بِالله عَزّ وَجَلّ . رواه مسلم .
📚 قال الْخَطابيّ : يَعْنِي فِي حُسْنِ عَمَلِه ؛ فَمَنْ حَسُن عَمَلُه حَسُنَ ظَنُّه ، وَمَن سَاء عَمَلُه سَاء ظَنُّه .
(معالِم السُّنن)
🔶 قال ابن مَسعود رضي الله عنه : والذي لا إله غَيْره ما أُعْطِي عَبْد مُؤِمُن شيئا خيرًا مِن حُسْن الظنّ بِالله عَزّ وَجلّ ، وَالذِي لا إلَه غَيْره لا يُحْسِن عَبْدٌ بِالله عَزّ وَجلّ الظنّ إلاّ أَعَطَاه اللهُ عَزّ وَجلّ ظَنّه ؛ ذَلك بِأنّ الْخَيْر في يَدِه . رَوَاهُ ابن أبي الدّنْيا في " حُسْن الظن بِالله " .
🔴 وبعض الناس يُسيء الظنّ بِالله عزّ وجَلّ ؛ فيَظُنّ أن كلَّ مُصيبة سَتَحُلّ به ، وكلَّ سُوء سيَقَع عليه ؛ وهذا سُوء ظنّ بالله تعالى ، وهو ظَنّ المنافِقين والكافِرين .
💎 قال الله عزّ وجَلّ عن الكافِرين : (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
💎 وقال عزّ وجَلّ عن المنافِقين : (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا) ، وقال عزّ وجَلّ عنهم : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) .
💎 وقال جلّ جلاله عن الفَرِيقَيْن (المنافِقِين والكافِرين) : (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ) .
🕯 ولو نَظَر المسلم في حالِه وحياتِه لَعَلِم أن الله عزّ وجَلّ يَصرِف عنه كلّ سوء ؛ ذلك أن الله أرْحَم بِعِبَادِهِ مِن أمهاتهم .
وأن الأصل في حالِ المسلم وحياته : السلامة والعافية
▪️ قال سُفْيَان الثَّوْريّ لِعابِد : أوْصِني .
قال العَابِد : كُلّ خَيْرٍ نَرْجُو مِن رَبّنَا . مَنْعُ رَبّنَا لَنَا عَطَاء . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
وهذا كما قال سفيان الثوري نفسُه : ليس بِفَقِيه مَن لَم يَعدّ البلاء نِعمَة , والرّخاء مُصِيبة . رواه ابن المبارك في " الزّهد " .
🔸 وقال عابِد آخر لِسُفيان الثَّوْريّ : مَا رَأيْنَا خَيْرًا قَطُّ إلاّ مِنْ رَبّنَا . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
وهذا مِن حُسن الظنّ بِالله عزّ وجَلّ .
🔻 ومِن ضَعْف اليقين : أن يُصَاب الإنسان بالرُّعْب والْهَلَع مِن الأمْرَاض .
🔻 ومِن ضَعْف الاعتقاد : أن يَتَطيّر الإنسان مِن كُلِّ مَرَض أو وَباء .
▪️ وقد يَكون هذا التّطيّر مِنه مِن الفأل الذي يُصَاب به الإنسان .
💎 دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أعرابي يَعوده ، فقال : لا بأس طهور إن شاء الله ، فقال : كلاّ ، بل حُمّى تَفُور ، على شَيْخ كَبِير ، كَيمَا تُزيرُه القُبُور ! قال النبي صلى الله عليه وسلم : فَنَعَم إذًا . رواه البخاري .
🔹 قال ابن حَجَر : أخرَجَه الطبراني وغيرُه مِن رِواية شُرَحبِيل .. وفي آخره : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إذا أَبيْت ، فهي كمَا تَقول ، قَضاءُ الله كائِن . فمَا أمْسَى مِن الغَد إلاّ مَيّتًا .
(فتح الباري)
☑️ وما كان الصالِحون يَتَطيّرون مِن الْمَرَض ، بل كان مِن الصحابة رضي الله عنهم مَن دَعا على نفسِه وأهل بيتِه بِالطّاعون - كأبي عُبيدة ومعاذ رضي الله عنهما – حينما وقع الطاعون في " عَمَواس " ، وذلك لِعِلْمهم بأن الطاعون شَهادة ، كما أخبَر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
🎙 خطبة عن المرض والوباء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13628
📌 كيف أصل الى مرحلة اليقين بالله ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8116
-
تَطْمِين نُفوس المؤمنين بِمَوْعُود رَبّ العالَمِين
💎 قال أبو العالية : إن الله تعالى قَضَى على نفسِه أن مَن آمَن به هَدَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) >
ومَن تَوكّل عليه كَفَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ،>
ومَن أقْرَضَه جَازَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) >
ومَن استَجَار مِن عَذَابِه أجارَه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) ، والاعتصام : الثّقَة بِالله >
ومَن دَعَاه أجَابَه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
وإني لأرجو الله حتى كأنّني *** أرى بِجَمِيل الظّنّ ما الله صانع
(عيون الأخبار ، لابن قُتيبة)
كُن عن هُمُومك مُعْرِضا ... وكِل الأمور إلى القَضا
وابشر بِخَيْر عاجِل ... تنسَى به ما قد مَضَى
فلرُبّ أمر مُسخِط ... لك في عَوَاقبه رِضا
ولربما اتّسَع المضِيق ... وربما ضَاق الفَضا
الله يفعل ما يشاء ... فلا تكُن مُتَعَرّضا
الله عوّدك الجميل ... فقِس على ما قد مَضى
-
تَطْمِين نُفوس المؤمنين بِمَوْعُود رَبّ العالَمِين
💎 قال أبو العالية : إن الله تعالى قَضَى على نفسِه أن مَن آمَن به هَدَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) >
ومَن تَوكّل عليه كَفَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ،>
ومَن أقْرَضَه جَازَاه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) >
ومَن استَجَار مِن عَذَابِه أجارَه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) ، والاعتصام : الثّقَة بِالله >
ومَن دَعَاه أجَابَه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .
وإني لأرجو الله حتى كأنّني *** أرى بِجَمِيل الظّنّ ما الله صانع
(عيون الأخبار ، لابن قُتيبة)
كُن عن هُمُومك مُعْرِضا ... وكِل الأمور إلى القَضا
وابشر بِخَيْر عاجِل ... تنسَى به ما قد مَضَى
فلرُبّ أمر مُسخِط ... لك في عَوَاقبه رِضا
ولربما اتّسَع المضِيق ... وربما ضَاق الفَضا
الله يفعل ما يشاء ... فلا تكُن مُتَعَرّضا
الله عوّدك الجميل ... فقِس على ما قد مَضى