المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذي غُرر به وقَـتل الجنود في بلاد المسلمين هل يُكتب له أجر الشهادة بنيّـته ؟



بريد
08-09-12, 11:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :

نعلم أن كثيراَ من الشباب في تنظيم القاعدة باليمن قاموا بتنفيذ عمليات انتحاريه على جنود يمنيين مسلمين , ولكن يا شيخنا سأعطيك مثال وارجو منك الأجابة :

كان شاب بتنظيم القاعدة في اليمن يبلغ من العمر ( 23 ) عاماَ وفي يوم سمع من قادة التنظيم بأن العمليات الذي يقوم به المجاهدين عمليات استشهادية وليس انتحارية وجاؤوا له بالأدلة من الكتاب والسنة وأن هذا العمل يعد من أعمال الانغماس في العدو .
وأن الجنود اليمنيين قد ارتدوا عن دينهم بعد مساندتهم للرئيس اليمني الذي وافق على دخول الطيران الأمريكي في سماء اليمن وان هذا الامر مخالف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :
( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب )

ثم نفذ هذا الشاب العمليه فكانت النية لدى هذا الشاب نصرة لشريعة الله عز وجل ورسوله والمؤمنين وطمعاَ في الشهادة وشوقاَ للجنان وحور عين ..؟

نطرح لك السؤال ونريد منك الجوآب :

قال رسول الله ( أنما الأعمال بالنيات وانما لكل أمرى مانوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)
س1/ بعد الاطلاع على الحديث نرى بأن النيه لدى هذا الشاب الهجرة الى الله ورسوله ؟ لأن العمل الذي قام به لله ورسوله والمؤمنين ؟ فماذا تقول لنا ياشيخنا ؟

مشكاة الفتاوى
08-23-12, 11:45 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

دماء المسلمين عظيمة شديدة الخطورة ، بل هي أشدّ حُرْمَة مِن الكعبة .
ومع ذلك لو قيل لشابّ : اقْتُل مُسْلِمًا ؛ لَقَتَله متأوِّلا ، أو غير متأوِّل .
ولو قيل له : نُريد نهدم الكعبة ونبنيها على قواعد إبراهيم ؛ لاسْتَعْظَم ذلك ، أشدّ مِن أي جريمة .

وقد تَبَرّأ النبي صلى الله عليه وسلم ممن خَرَج على أمتّه يَضْرِب بَرَّها وفاجِرَها ! فقال عليه الصلاة والسلام : مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ . رواه مسلم .

وعظَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم شأنَ الدماء ، فقال : لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ . رواه الترمذي والنسائي ، وصححه الألباني .

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا . رواه البخاري .

ولِعَظَمَةِ وحُرْمَة الدماء كانت أولَ ما يُقضَى به بين الناس يوم القيامة .
قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ . رواه البخاري .
قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ فَيَقُولُ : قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي. وَيَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ ، فَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِفُلانٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلانٍ ، فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ . رواه النسائي.
وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مَن قَتَل مُشرِكا بعد أن قال : لا إله إلا الله . قال أسامة بن زيد رضي الله عنهما : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ . قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ . رواه البخاري ومسلم .

قال ابنُ بطَّالٍ : وأما إثِمُ الدمِ الحرام ، فقد عَظَّمَه الله في غير مَوْضعٍ مِن كِتابِه، وعلى لسانِ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم ، حتى قال بعض الصحابة : إن القاتلَ لا توبةَ له . اهـ .

وجاءت الآثار عن السلفِ بتعظيم الدماء
نَظَرَ ابنُ عباسٍ إلى الكعبةِ فقال : ما أعظَمَ حُرْمَتَك وما أعظم حقك ، والمسلم أعظم حُرْمَة منك ؛ حَرَّم الله مالَه ، وَحَرّم دمَه ، وَحَرّم عِرضَه وأذاه ، وأن يُظَن به ظن سوء. رواه ابن أبي شيبة .
وقال سعيدُ بن مِيناء : إني لأطوف بالبيت مع عبد الله بن عمرو بعد حريق البيت إذْ قال : أي سعيد ! أعْظَمْتُم ما صُنعَ بالبيت ؟ قال : قلت : وما أعظم منه ؟ قال : دم المسلم يُسْفَك بغير حقِّه . رواه عبد الرزاق .
وقَالَ ابنُ عُمَرَ : إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ . رواه البخاري .

وإذا كان الإسلامُ حرَّمَ قَتْل الطير بِغير حقّ ، فكيف بالمسلم ؟
مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِفِتْيَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِنْ نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا ؟ لَعَنِ اللهُ، مَنْ فَعَلَ هَذَا . إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا . رواه مسلم .

وكان السلف يَتواصَون بتعظيم الدماء
كَتَب رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما : أن اكتب إليّ بالعِلم كله . فكتب إليه : إن العلم كثير ، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس ، خميص البطن مِن أموالهم ، كافّ اللسان عن أعراضهم ، لازِمًا لأمْر جماعتهم ؛ فافعل .

والإسلامُ إذا حرَّمَ شيئا حرَّمَ السُّبُلَ الموصِلَة إليه
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ . رواه مسلم .
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ . رواه البخاري ومسلم .

قال ابن القيم رحمه الله :
يا مغرورا بالأماني ! لُعن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمِرَ بها ، وأُخْرِج آدم من الجنة بلقمة تناولها ، وحُجِبَ القاتِل عنها بعد أن رآها عيانا بملء كف من دم ، وأمر بقتل الزاني أشنع القتلات بإيلاج قدر الأنملة فيما لا يحلّ ، وأمر بإيساع الظهر سياطا بكلمةِ قَذْف ، أو بقطرة سكر ، وأبان عضوا من أعضائك بثلاثة دراهم ؛ فلا تأمنه أن يَحْبِسَك في النار بمعصية واحدة من معاصيه ، (وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا) . اهـ.

فهل قَتْل المسلمين مِن الجهاد ؟
وهل تُسوّغه النية ؟
وهل هذا العمل من الجهاد في سبيل الله ؟

لأنه من المعلوم أن الجنود المسلمين إنما عَمِلوا بتأويل ، أوْ بِجَهل ، والواجب إقامة الحجة عليهم إذا كانوا يُدافعون عن الكُفر أو عن الدستور الكفري ، وأن يُنْبَذ إليهم على سواء ، كما قال الله عزّ وَجَلّ : (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) .

والْحُكم بِرِدّة الجنود ليس بالأمر اليسير ، بل يحتاج إلى إقامة الحجة وانتفاء الموانع ، قبل الْحكم عليهم بالرِّدّة .

ومُوافقة حاكِم ما على التعاون مع الكفار ، أو الاستعانة بهم في قتال المسلمين ، لا يُوجب الْحكم عليه بالرّدّة .
فإن حُكّام المسلمين في الأندلس أيام الطوائف ، كان بعضهم يستعين بالنصارى على قِتال إخوانه ، بل ربما دفع لهم الأموال ، وربما أعطاهم جُزءا مِن أرضه مُقابِل قِتالهم للمسلمين معه ؛ ومع ذلك لم يَحكم أحد من العلماء بِكفرهم بسبب ذلك العمل ؛ لأن الدافع لهم على ذلك إنما هو حُبّ الدنيا وحُبّ الرئاسة وبقاء الْحُكم .
وكنت سألت شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير وفقه الله قبل تسع سنوات : هل حَكم أحدٌ مِن علماء المسلمين بِكُفر حُكّام الأندلس الذين كانوا يستعينون بالنصارى في تحقيق رغباتهم ؟
فقال حفظه الله : لا أعلم أحدًا حَكم بِكفرهم .

والمقصود هنا أن تكفير الجنود بِسبب ذلك خطأ .

ولِيُعلم أني لا أُدافع هنا عن الْحُكام الذين يَحكمون بغير ما أنزل الله ، ولا عن الذين يُوالون الكفار ويُمَكِّنون لهم ، وإنما أُبيّن وأقرر مسألة شرعية .

وسبقت الإجابة عن بعض الشبهات هنا :
والله لا يغفر الله لفلان
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=19960

والله تعالى أعلم .