مشكاة الفتاوى
08-27-12, 6:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما معنى هذا الحديث فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً , فبعض الطاعنين يدندن حول كون الحديث من سوء أخلاق المسلمين في التعامل مع غير المسلمين .
عنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلاَمِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ».
http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ليس هذا من سوء أخلاق المسلمين .
وقد يُقال : هذا مسلم يُدافع عن الإسلام !
فأقول : شواهد حُسن المعاملة للكفار في ديننا كثيرة ، وقد شهد الكفار بذلك قبل المسلمين .
ومِن ذلك :
حُسن مُعاملة الأسرى في الإسلام ، فقد قال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) .
وجاء الحث على حُسن المعاملة مع الكفار الذين لم يُحاربوا دِين الله ، كما قال عزَّ وَجَلّ : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) .
وجاء النهي عن التفريق بين المرأة وأولادها في حال السّبي .
قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . رواه الإمام أحمد والترمذي . وحسنه الألباني والأرنؤوط .
وأمَر الله بالعدل مع الناس جميعا ، فقال : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) .
وأمَر الله عزَّ وَجَلّ بإحسان القول للناس عموما ، فقال : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) .
قال ابن عبد البر : ولم يُبَح لنا أن نَشتمهم ابتداء . اهـ .
واختار الكفار حُكم الإسلام على حُكم بني جِلدتهم في بعض حوادث التاريخ .
وما ذلك إلاّ لِعلمهم بِعدل الإسلام وأهله .
وقد يُخاطر المسلم بِنفسه ويُعرّضها للتَّلَف دِفاعا عن أهل الذمة ، وما عُقِد لهم مِن ذِمّة .
قال القرافي في " الفروق " : حكى ابن حزم في " مراتب الإجماع " له : أن مَن كان في الذمة ، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه ؛ وَجَب علينا أن نَخرج لِقتالهم بالكُراع والسلاح ونَموت دون ذلك ، صونا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لِعقد الذمة .
وحكى في ذلك إجماع الأمة .
فعَقْدٌ يَؤدِّي إلى إتلاف النفوس والأموال صَونا لِمُقْتَضاه عن الضياع ؛ إنه لعظيم. اهـ .
وأما ما في هذا الحديث فهو مقصود لأمرين :
الأول : إظهار عِزّة المسلم ، وذِلّة الكفر .
والثاني : الترغيب في الإسلام ، والتنفير مِن الكُفر .
ولذلك لَمَّا مرّ ابن عُمر بنصراني ، فسلَّم عليه ، فَرَدّ عليه ، فأخبر أنه نصراني ، فلما عَلِم رَجَع إليه ، فقال : رُدّ عليّ سلامي . رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " .
قال النووي : لو سَلَّم مُسلم على من ظنه مسلما فَبَان كافرا ؛ قال المتولي وغيره : يُستحبّ أن يَسْتَرِدّ سلامه ، فيقول له : رُدّ عليّ سلامي ، أو : اسْتَرْجَعْتُ سلامي . والمقصود إيحاشه ، وأنه لا مُؤالفة بينهما .
وقال العَيني : وإن سَلّم على رجل ظنه مسلما فإذا هو كافر ؛ استُحِب أن يَردّ سلامه ، فيقول : رُدّ عليّ سلامي ، والمقصود مِن ذلك : أن يُوحِشه ، ويُظهر له أن ليس بينهما إلْفَة .
وقال الشوكاني : وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ إنْزَالِ الصَّغَارِ بِهِمْ وَالإِذْلالِ لَهُمْ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَلْيَكُنْ التَّضْيِيقُ بِحَيْثُ لا يَقَعُ فِي وَهْدَة ، وَلا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ وَنَحْوُهُ . اهـ .
وللفائدة :
ما حكم محبة المسلم لصديقه النصراني وتعلقه به ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=564896
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
ما معنى هذا الحديث فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً , فبعض الطاعنين يدندن حول كون الحديث من سوء أخلاق المسلمين في التعامل مع غير المسلمين .
عنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلاَمِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ».
http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ليس هذا من سوء أخلاق المسلمين .
وقد يُقال : هذا مسلم يُدافع عن الإسلام !
فأقول : شواهد حُسن المعاملة للكفار في ديننا كثيرة ، وقد شهد الكفار بذلك قبل المسلمين .
ومِن ذلك :
حُسن مُعاملة الأسرى في الإسلام ، فقد قال تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) .
وجاء الحث على حُسن المعاملة مع الكفار الذين لم يُحاربوا دِين الله ، كما قال عزَّ وَجَلّ : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) .
وجاء النهي عن التفريق بين المرأة وأولادها في حال السّبي .
قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . رواه الإمام أحمد والترمذي . وحسنه الألباني والأرنؤوط .
وأمَر الله بالعدل مع الناس جميعا ، فقال : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) .
وأمَر الله عزَّ وَجَلّ بإحسان القول للناس عموما ، فقال : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) .
قال ابن عبد البر : ولم يُبَح لنا أن نَشتمهم ابتداء . اهـ .
واختار الكفار حُكم الإسلام على حُكم بني جِلدتهم في بعض حوادث التاريخ .
وما ذلك إلاّ لِعلمهم بِعدل الإسلام وأهله .
وقد يُخاطر المسلم بِنفسه ويُعرّضها للتَّلَف دِفاعا عن أهل الذمة ، وما عُقِد لهم مِن ذِمّة .
قال القرافي في " الفروق " : حكى ابن حزم في " مراتب الإجماع " له : أن مَن كان في الذمة ، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه ؛ وَجَب علينا أن نَخرج لِقتالهم بالكُراع والسلاح ونَموت دون ذلك ، صونا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لِعقد الذمة .
وحكى في ذلك إجماع الأمة .
فعَقْدٌ يَؤدِّي إلى إتلاف النفوس والأموال صَونا لِمُقْتَضاه عن الضياع ؛ إنه لعظيم. اهـ .
وأما ما في هذا الحديث فهو مقصود لأمرين :
الأول : إظهار عِزّة المسلم ، وذِلّة الكفر .
والثاني : الترغيب في الإسلام ، والتنفير مِن الكُفر .
ولذلك لَمَّا مرّ ابن عُمر بنصراني ، فسلَّم عليه ، فَرَدّ عليه ، فأخبر أنه نصراني ، فلما عَلِم رَجَع إليه ، فقال : رُدّ عليّ سلامي . رواه البخاري في " الأدب المفْرَد " .
قال النووي : لو سَلَّم مُسلم على من ظنه مسلما فَبَان كافرا ؛ قال المتولي وغيره : يُستحبّ أن يَسْتَرِدّ سلامه ، فيقول له : رُدّ عليّ سلامي ، أو : اسْتَرْجَعْتُ سلامي . والمقصود إيحاشه ، وأنه لا مُؤالفة بينهما .
وقال العَيني : وإن سَلّم على رجل ظنه مسلما فإذا هو كافر ؛ استُحِب أن يَردّ سلامه ، فيقول : رُدّ عليّ سلامي ، والمقصود مِن ذلك : أن يُوحِشه ، ويُظهر له أن ليس بينهما إلْفَة .
وقال الشوكاني : وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ إنْزَالِ الصَّغَارِ بِهِمْ وَالإِذْلالِ لَهُمْ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَلْيَكُنْ التَّضْيِيقُ بِحَيْثُ لا يَقَعُ فِي وَهْدَة ، وَلا يَصْدِمُهُ جِدَارٌ وَنَحْوُهُ . اهـ .
وللفائدة :
ما حكم محبة المسلم لصديقه النصراني وتعلقه به ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=564896
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض